القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 5

لماذا.. إعجاز القرآن؟

القرآن كتاب حافل بالنبوءات ومن هذه النبوءات ما تحقق ومنها ما هو في انتظار ميعاده في موقعة بدر والتي التقى فيها المسلمون وهم قلة بكثرة هائلة من جند الكفار نزل الوحي مبشراً :وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ - الأنفال قال تعالى:سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ - القمر وقد حدث ذلكوقبل دخول مكة حينما كانت العودة إلى مكة حلماً بعيد التحقيق يراود المسلمين في مهجرهم بالمدينة جاء الوحي ليؤكد ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه:لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً - الفتح وقد حدث ذلك وعن انتصار الروم بعد هزيمتها نزلت النبوءة :الـم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لله الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ - الروم ولفظ بضع يستعمل لما هو أقل من عشرة وأكثر من ثلاثة وقد حدث أن انتصرت الروم بعد سبع سنوات من هزيمتها ثم وعد إسرائيل الذي قال فيه القرآن مخاطباً اليهود:وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُواًّ كَبِيراً - الأسراء وها هي إسرائيل تعلو وتطغى للمرة الثانية علوها الكبير الذي تحلم باجتياح النيل والفرات وهو علو إلى انخفاض وهزيمة إنشاء الله كما قال القرآن وهناك نبوءات تنذر باقتراب الساعة مثل انشقاق القمر وظهور الدخان وغيرها فإذا لجأ القرآن إلى الجدل يجادل في بساطة ويقيم الحجة بإحكام فيقول عن الكافر الذي لا يصدق أنه سيبعث:وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ - يس قال تعالى:أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ - ق وليبرهن على وجود الخالق يلجأ إلى مجرد سؤال يوقع به الكفار في إشكال بعيداً عن الحذلقة الفلسفية :أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ - الطور وما زال السؤال بلا جوابمن الكفار منذ خمسة آلاف سنة من تطور الفلسفة وإذا أراد القرآن أن يشرح للناس حقيقة أن لكل شيء مظهر زائل وجوهر باقياً فإنه يستدرجك إلى الحقيقة بمثل بسيط :أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ - الرعد والقرآن لا يفعل ذلك مثل ما يفعل المناطقة والفلاسفة المحترفون فيما يعتبر لديهم الحقيقة الفلسفية الأولى فيقيمون حبائل وشراكاً من الحجج فإذا أراد أن يفحم ويلجم ألقى بمثل آخر:يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ - الحج وهذا المثل معجز للعلم والعلماء بعد الف سنة من تطور التكنولوجيا فلا يستطيع أحد أن يخلق ذبابة على هوانها وتفاهتها وإذا سلبتك حياتك بمرض تقله إليك فمن يستطيع أن يردك إلى الحياة بل إنها لو سلبتك ذرة من النشا من طعامك فإن عباقرة الكيماء لو اجتمعوا لا يستطيعون استرداد هذه الذرة من أمعائها لأنها تتحول فوراً إلى سكر بفعل الخمائر الهاضمة فما أضعف الطالب والمطلوب قال تعالى:إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ - لقمان يتصور البعض أن معنى هذه الآية هو نوع الجنينهل هو ذكر أم أنثى وهو فهم خاطئ وتفسير محدود وعلم ما في الأرحام هو أن الله يعلم تاريخ وقدومك وقصة حياتك كلها وأنت مضغة في رحم أمك وكونك ذكر أن أنثى مسألة جزئية لا أهمية لها والعلم الإلهي علم محيط وشامل في عالم هائل بلا حدود بل عوالم وأفلاك مترامية خلقها الخالق الذي أحاط بكل شيء علماً فبكل بساطة يتعرض القرآن لأعقد القضايا فيوصلها لأبسط الأذهان بكل يسر وسهولة بأسلوب معجزة فالنفس في القرآن تموت شأنها شأن البدن:كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ - آل عمران قال تعالى:وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ - آل عمران وقال تعالى:قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ - الأنعام والنفس في القرآن هي مجمل الرغبات والغرائز والأهواء قال تعالى:وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ - يوسف قال تعالى:قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي - طه ويمكن أن تأتي النفس بمعنى النفس المتعالية اللوامة:لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ - القيامة ولكن الروح في القرآن غير النفس وهي السر الإلهي الباقي الذي لا يجري عليه قدر الموت :وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً - الأسراء والروح سر ولغز لا يمكن إثباته بالشواهد والأدلة الحسية على وجه القطع ولا يمكن إنكاره إلا تعسفاً أو تجاوزها إلا جهلاً وإعجاز القرآن الحقيقي هو بالدرجة الأولى ما يستثيره في القلب من إحساس بمجرد ملامسته السمع ولكل مقام مقال يناسبه يزلزل النفس من الداخل ومن ذلك ما يقوله زكريا لربه في سورة مريم:قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ العَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِياًّ - مريم أو حين نستمع إلى كلام سيدنا المسيح عليه السلام في المهد:قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِياًّ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياًّ - مريم أو تلك الآية التي تتحدث عن خشوع الرسل:أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِياًّ - مريم أو الكلمات التي يصف فيها الله اللقاء به في يوم القيامة:وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً - طه وآيات تنساب منها الرحمانية حيث يخاطب الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم :طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ العُلَى الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى - طه فإذا تحول الحديث عن المجرمين وما نزل بهم من عذاب خطاب الله تحول الكلمات إلى جلاميد صخر وكأنها رجم :إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ - القمر فإذا سبحت الملائكة طالبة المغفرة من الله أصبحت الكلمات شعاع من نور هداية كأنها سبائك ذهب :الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ - غافر فإذا جاء الإنذار بالساعة فإن الهول والشؤم يطل من الكلمات والعبارات :وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ القُلُوبُ لَدَى الحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ - غافر والعتاب في القرآن حينما لا ينفع العتاب يملئ الأنسان المغرور بالمرارة والحسرة :يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ - الانفطار والبشرى تنزل على مريم عليها السلام بميلاد المسيح حينما تبشر الملائكة مريم بميلاده المعجز غاية في البلاغة والإعجاز لمعجزة ليس لمثلها شبيه في هذه الحياة من قبل أو بعد:إِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ - آل عمران والصاخة كلمة تشبه السكين على وقع الأذن يستخدمها القرآن لبيان أهوال يوم القيامة :كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَباًّ ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقاًّ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَباًّ وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأَباًّ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ - عبس كل ما ذكرناه وغيرها من آيات القرآن ترصف في معمار أشبه بنسيج ليس له شبيه يتم في يسر وسهولة لا يبدوا فيه أثر افتعال بمجرد أن تقرع القلب عن طريق الأذن تثير الإحساس بالخشوع حتى من قبل أن يتيقظ العقل بالتفكير والتأمل مما لا يمكن أن يوجد له تفسير وبهذا يختلف القرآن عن ما نعرف من مصادر الكلام المألوف القرآن يخبرنا عن ماض لم يؤرخ ويتنبأ بمستقبل لم يأت ولم تقم عليه الشواهد ويطلعك على غيب محجوب ثم يقدم لك حكمة الأزل وشرائع الله وأوامره ونواهيه دستور متكامل في العبادات الأخلاق والمعاملات وفي الزواج والمعاشرة والحرب والسلام القاه الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم في تحدي باق على مدي الدهور:وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ - البقرة يتحدانا القرآن أن نقلد سورة ثم يقول يقيناً إننا لن نفعل في خبر أورد صادقت على صحته الأيام والسنون فرغم كثرة حساد القرآن وأعداء الإسلام ما زال التحدي قائماً ومازال القرآن يفضي بأسراره ويكشف لنا مكنوناته فيزداد إعجازاً

:سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ - فصلت ومستقبل الأيام سوف يصادق على أسرار ما زلنا نقرأها على أنها أسرار وغيب محجوب :أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً - النساء إنه الانضباط والإحكام في كل لفظ وكل والقرآن يذكر السمع مقدماً على البصر في أكثر من سبعة عشر موضعاً قال تعالى :وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - النحل قال تعالى :قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ - يونس قال تعالى:حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - فصلت قال تعالى:أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ اليَوْمَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ - مريم قال تعالى:وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ - المؤمنون قال تعالى:وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً - الأسراء قال تعالى:وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ - فصلت قال تعالى:قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ - الأنعام قال تعالى:يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - البقرة قال تعالى:أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ - النحل قال تعالى:وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ - الأحقاف قال تعالى:أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ - محمد قال تعالى:إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً - النساء قال تعالى:إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً - الأنسان قال تعالى:فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ - الشورى قال تعالى :قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ - المجادلة والعلموخاصة علماء التشريح والفسيولوجيا يدركون أن جهاز السمع ارقى وأدق وأرهف من جهاز الأبصار ويمتاز عليه بإدراك المجردات وإدراك التداخل في الأصوات كما تدرك أم (إنسان أو حيوان) وتميز صوت بكاء ابنها من بين زحام هائل من الأصوات المتداخلة يتم هذا في لحظة من الزمن أما العين فهي تتوه في الزحام زحام التفاصيل ولا تعثر على ضالتها يتوه الأبن عن عين أمه في الزحام ولا يتوه عن سمعها ولم يكن هذا العلم موجود أيام نزول القرآن ومع ذلك يذكر القرآن هذا الأمر بطريقة ملفته ويبدو في سورة النحل أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ تقديم القلب في هذه الآية الترتيب هو ترتيب تفاضل وبهذا التكرار المتعمد بتقديم السمع على البصر ينبه القرآن على أهمية السمع وهي حقيقة لم تكن معروفه من قبل على الرغم أن النظرة العامية تنظر إلى البصر والإبصار بإجلال أكثر نحن في القرآن أمام كلمات مصفوفة بإحكام ودقة وانضباط لا تتقدم كلمة على كلمة ولا تتأخر إلا بسبب قال تعالى:الـر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ -هود قال تعالى:وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ - الحجر أحياناً يكون انتقاء الكلمة لتتوافق مع التعبير معجزة بيانية في ذاتها كما قال عن الرياح هذه الصفة بأنها لواقح تستدعي وقفة تأمل فالرياح الباردة تثير سحاباً وهي تدفع السحب المكهربة إلى لقاء بعضها البعض تلقي السحابة السالبة لتتكهرب بين أذرع سحابة أخرى موجبة التكهرب فيحدث البرق والرعد ويسقط المطر وما أشبه ما يحدث بالتلقيح وينزل المطر على الأرض فيخصبها وهو تلقيح من نوع آخر بين الماء والأرض وتحمل الرياح حبوب اللقاح من زهرة لتلقي بها في مبيض زهرة أخرى فيكون تلقيح من نوع ثالث هذه المرة تلقيح بالمعنى الحرفي للآية فهي آية صادقة مجازاً

وصادقة حرفياً أو على أي صورة قلبتها الصدق محورها وتصدق معك وكل هذا العلم التفصيلي في تكهرب السحاب وانتقال حبوب اللقاح لم يكن معروف أيام نزول الآية فوضع العلم في أيدينا كنز من كنوز البيان في هذه الآية فإذا الصدق فيها مجازي وحرفي وجزئي وكلي وانتقائها في موضعها من معجزات الإحكام والدقة في البيان القرآني ومثل آخرهذه الآية سورة العنكبوت قال تعالى:مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ العَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ - العنكبوت القرآن أختار صفة التأنيث حينما تحدث عن العنكبوت والعلماء اكتشفوا مؤخراً أن الذي ينسج البيت ليس الذكر وإنما الأنثى وهي حقيقة لم تكون معروفه عند نزول القرآن والحقيقة الثانية وصف بيت العنكبوت بالوهن بل أوهن البيوت ولم يقل خيط العنكبوت أو نسيج العنكبوت وهي مسألة لها دلالة ولها سبب والعلم كشف الآن أن خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الصلب ثلاث مرات وأقوى من خيط الحرير وأكثر مرونة منه ونسيج العنكبوت بالنسبة لاحتياجات العنكبوت وافياً بالغرض وزيادة وبالنسبة له قلعة أمينة حصينة وهناك سر بيولوجي ذكره القرآن وعرفه العلم مؤخرا فبيت العنكبوت أبعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم البيت من امان وسكينة وطمأنينة فالعنكبوت الأنثى تقتل الذكر بعد أن يلقحها وتأكله فيعمد الذكر إلى الفرار بعد التلقيح ولا يحاول أن يضع قدمه في بيت أنثاه بعد ذلك والأبناء يأكلون بعضهم بعضاً بعد الخروج من البيض وتغزل الأنثى بيتها ليكون فخاً وكمين و كل حشرة صغيرة تفكر أن تقترب منها وكل من يدخل البيت من زوار وضيوف يلتهم بعد أن يقتل إنه ليس بيت بل مذبحة يخيم عليها الخوف و التربص وإنه لأوهن البيوت لمن حاول أن يتخذ منه ملجأ وهذا شأن من يلجأ لغير الله ليتخذ منه معينا ونصيرا والوهن كلمة عربية تعبر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة وفي سورة الكهف نقرأ مثلاً آخر حينما يروي القرآن عن رقدة أهل الكهف قال تعالى:وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً - الكهف ونعلم الآن بالحساب الفلكي أن الثلاثمائة سنة بالتقويم الفلكي تساوي ثلاثمائة وتسعاً بالتقويم القمري (باليوم والساعة والدقيقة )وكان التقويم المتبع أيام نزول القرآن فلزم أن يقول إن السنوات ازدادت تسعاً وهو الفرق بين التقويم الفلكي والتقويم القمري وهو سر لم يعرف إلا الآن قال تعالى:أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّـسَوِّيَ بَنَانَهُ - القيامة هذا مثل آخر في سورة القيامة يقول الله في مقام التحدي مشيراً بأن هناك معجزة كبرى في تسويته البنان أكبر من إحياء العظام وهو أمر لم يكشف سره إلا حين عُرف أن لكل إنسان بصمة خاصة به رسمت على بنانه لا يتفق اثنان في بصمه واحده منذ أيام آدم و حتى التوائم . قال تعالى:وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا - النازعات ودحاها أي جعلها كالدحية أي البيضة وهذا يوافق أحدث الآراء الفلكية عن شكل الأرض ولفظة دحا تعني أيضاً البسط وهي اللفظة الوحيدة التي تشتمل على البسط والتكوير في ذات الوقت لتدل على الأرض المبسوطة في الظاهر والمكورة في الحقيقة وهذا منتهى الإحكام في اختيار اللفظ الدقيق المبين قال تعالى:وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ - النازعات يصف القرآن السماء بأنها ترجع ما يصعد إليها بخار الماء يرجع إلينا مطراً ونعلم الآن أن الأمواج اللاسلكية والتلفزيونية ترتد هي الأخرى من السماء إذا أرسلت إليها بسبب انعكاسها على الطبقات العليا الأيونية ولولا ذلك لضاعت الموجات وتشتت ولم نعثر عليها فالسماء اشبه بمرآة عاكسة ترجع ما يبث إليها فهي السماء ذات الرجع والأرض هي الأخرى ذات الصدع أي تتصدع ليخرج منها النبات ونافورات الغاز الطبيعي والبترول وينابيع المياه الكبريتية ونفث البراكين وهنا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام ألفاظ دقيقة جامعة في معانيها ومختارة بدقة ومصفوفة بإحكام فأنت أمام دقة وإحكام وعلم إلهي شامل ليس هناك كلمة لو حاولت أن تنقلها أو تستبدلها أدركت الاستحالة وأنك أمام طراز من الضروريات اللغوية والعلمية يثير الذهول وبعض الأسرار في القرآن فهمناها وكثير من الأسرار خافية علينا فهي مكنوزة لأجيال قادمة تنقب عنها و تنكشف لها بأمر الله وقدرته كتاب لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه وإذا أضفنا إلى كل هذا أن القرآن أتى به رجل أمي وهو النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف القراءة ولا الكتابة في بيئة بدوية من أجلاف الصحراء جرداء مقطعة الصلة بالحضارات والعلوم فنحن أمام معجزة حقيقية لا يجادل فيها إلا مكابر معاند منساق وراء عناده مستغلق المشاعر معصوب العين والوجدان عاقب نفسه بنفسه إذ حجب عن روحه إشعاع الرحمة والحنان والرأفة الذي يشعه القرآن قال تعالى: فلم يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ - الحج.

[URL=http://up.arab-x.com/] القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 5 JAE38554

[/url]

» القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 4
» القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 0مقتطفات 2
» الحلال والحرام (العلامة مصطفى محمود رحمه الله )