الحلال والحرام (العلامة مصطفى محمود رحمه الله )

قال تعالى:الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ - الأعراف التحليل والتحريم في الإسلام ليس لمجرد التحريم هو تحليل لكل ما هو طيب وتحريم لكل ما هو خبيث الله حرم الضار الخبيث وأحل الطيب النافع وهي حقيقة جوهرية يجب أن نفهمها قال تعال:قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ - النور قال تعالى:وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - النور النظر والإمعان في النظر الخبيث تتخطف به الشهوات العقل والقلب وكل المهانة والضرر في أنسان تقوده شهواته ونظرة العابد الزاهد المشغول بالقلب بالله يرى الجمال في كل ما صور الله الخالق وليس المخلوق قال تعالى:اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ - غافر لذا أمر القرآن المرأة المؤمنة بأن تدني عليها من جلبابها ابتعادا بها عن مزالق الأثارة والاستثارة وهنا نصل لجوهر التحريم، التحريم دائماً لضرر فإذا انتفى الضرر أنت في المنطقة الحلال وفقاً للشرع فلا تضر نفسك ولا تضر غيرك وهناك مفهوم اشمل لغض البصر غض البصر عما في يد الناس من مال ونعمة وهو الحياء والترفع عن النزول بالنفس إلى مواطن الشهوات والحسد والحقد والغيرة ومن الذنوب الكبيرة هو التعصب لنفسك أو عائلتك أو قبيلتك وأن تميل مع الهوى وتأخذك حمية العنصرية وكبرياء العرق والجنس والمتعصب يعبد فهمه المحدود وليس الله وأخطر ما يعبد من الأصنام الآن هو أن تتخذ نفسك صنماً أن تعبد رأيك وهواك ومصلحتك فلا يشغلك إلا نفسك قال تعالى:أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ - الجاثية والضرر في أن يعبد الأنسان نفسه ولا يرى غير مصلحته أنه سوف يقضي حياته في سجن من المرايا كلما تطلع إلى جدار لم يرى فيه إلا صورته سوف تصبح نفسه حجابا بينه وبين الله وحجابا بينه وبين الحقيقة وحجابا بينه وبين العدل:وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَداًّ وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداًّ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ - يس وما السد الذي يحول بين الشخص والإبصار كأنه غشاوة إلا أن يفك نفسه قال تعالى:فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ - فَكُّ رَقَبَةٍ - البلد لن تستطيع أن تفك رقبة من الاستعباد إلا إذا فطنت إلى استعباد نفسك لك وفككت عنك أغلالها فلن تقدر على تحرير إنسان إلا إذا بدأت تحرير نفسك أولا وبعد ذلك سوف نجد أن كل خير سيصبح ممكناً سوف تستطيع أن تحب وتعطي وتجود وتمنح ولهذا نقرأ في القرآن :إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقاًّ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ - التوبة

قال تعالى:وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ العِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - البقرة وكل ما يعبد من دون الله شرك حتى لو استعبدتك فكرة أو نظرية أفسدت عليك مسالك التفكير وأصبحت ترفض مناقشتها وإن كنت راكع أمام صنم منحوتاً من الفلسفة لا من المادة. والشرك خطيئة لا تغتفر والشرك أشبه بانقطاع الحبل السري بين الجنين والأم انفصال بين الأيمان والله قال تعالى:إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً - النساء والله أمر بالعبادة لأنه فيها حياتنا:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ - الأنفال والله لا يضع سنة بلا سببلهذا حرم الخمر وما في حكمها من مسكرات وحرم القمار لما فيه من تباغض وعدوان وخسارة وحرم الزنا لما فيه من فوضى اختلاط الأنساب وتخضع النفوس للنزوات والشهوات والأهواء وأحل الزواج لأنه تنظيم ونظام ومسؤولية وسكينة قلب والزنا إذا تحول في بعض المجتمعات إلى سلوك ومنهج حياة يؤدي إلى تفسخ كامل للكيان وإلى انفصام في الشخصية فيصبح الجسد في جانب والروح في جانب آخر وكذلك القلب وبذلك يتم تخريب الفطرة السليمة وأعلى حالات الانتحار تحدث في السويد رغم التحرر واللذة الجنسية الفاضحة والتحلل الأخلاقي والسبب في ذلك التحلل الذي يحدث للإنسان في أعماق روحه فيفقده السلام الداخلي للأبد وحرم الله لحم الخنزير حيث نعلم نحن الآن أن حيوان الخنزير مستودع فيروس الإنفلونزا والدودة الشريطية وأنه أغلظ أنواع البروتين وأشدها تعقيدا و الله يعلم ونحن لا نعلم سبحانه عز وجل ويجب أن لا تفوتنا حقيقة أن الله أقام التشريع وحرم الحرام وحلل الحلال رحمة ومحبة منه عز وجل فهي روح الناموس وقلب التشريع ولذلك حرم السرقة وحرم القتل. قال تعالى:مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُون - المائدة قتل الإنسان لأخيه الإنسان بلا ذنب هو خرق لجميع النواميس لهذا اعتبره الله قتلاً للناس جميعاً وحرم الانتحار قال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرا - النساء لأن الانتحار منتهى سوء الظن بالله والعمى عن رحمته واليأس من عدالته وهو منتهى الظلم للنفس قال تعالى:وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً - الفتح لم يكره الله للإنسان إلا كل ما هو كريه بالفعل ولم يحب له إلا كل ما هو محبوب ولذا جعل الطلاق مكروه بالفعل ولكنه ممكن إذا استحالت معه الحياةوجعل الله الكذب من الذنوب العظيمة قال تعالى:كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ -الصف والكذب على الله غاية الأثم قال تعالى:وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ - الأنعام والشريعة وروحها هي أن الله عز وجل أحل الطيبات وحرم الخبائث وإذا تطهرت فطرتنا سوف نحب لنفوسنا ما يحب الله بدون جهد ومشقةفيطلب من الله ما يطلبه الله منه ولهذا يتوجه سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لربه بالدعاء قائلا:رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ - ابراهيم وهؤلاء هم الأنبياء والأولياء والمقربون الذين أمدهم الله بأسباب علمه وقدرته يقول الله في الحديث القدسي :عبدي أطعني أجعلك ربانيا يدك يدي ولسانك لساني وبصرك بصري وإرادتك إرادتي ورغبتك رغبتي.

» مكان سد يأجوج و مأجوج للدكتور مصطفى محمود رحمه الله
» من كتاب القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود رحمة الله
» القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 3