القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 4

رب واحد ودين واحد

القرآن يقرر وحدة الله المطلقة بآيات لا تقبل التأويل وأن كل ما عداه باطل وزائل:فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ - محمد وينزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم ليقول في كلمات باترة وحاسمة ذلك قال تعالى:وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ -القصص قال تعالى:إِنَّ هَذَا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ -البقرة وجميع الكتب السماوية تقررهذه الحقيقة التوراة والأنجيل والقرآن بالصورة التي نزلت بها هي كتب توحيد و أهل الكتاب من يهود ونصارى قبل البعثة المحمدية على هدى وأن لهم أجرهم يوم القيامة ويقرر القرآن ذلك كحقيقة لا تقبل الشك:إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ - البقرة ويذكر القرآن أن التناحر بين الأديان على أنه جهل ومافهم هؤلاء المختلفون حقيقة الدين:وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ - البقرة لأن الدين هو دين واحد من ناحية العقيدة عبر مسيرة البشرية في هذه الحياة الدنيا رغم أن لكل مرحلة من المراحل هو من ناحية التشريع فقط :شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى المُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ - الشورى أنها مراحل من تاريخ البشرية منذ فجر التاريخ وحتى الآن في كل مرحلة يرسل الله ويبعث نبياً ما يلائم تطور النفس البشرية في تلك المرحلة حتى إذا ارتقت البشرية وتقدمت بعث الله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليكمل الناموس ويواكب التقدم الحادث في البشرية:وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ -المائدة في زمن موسى عصر الفراعنة عصر العنف والجبروت ينزل ناموس العدالة على موسى والعدالة الملائمة لمثل ذلك العصر هي رد الضربة بمثلها العين بالعين والسن بالسن ثم جاء عصر المسيح حين أرتقت البشرية خطوة أخرى في المجتمعات الأنسانية وأنزل الله ناموس الحب والتسامح وفي هذا العصر تمتحن المحبة أسوء إمتحان من المتجبرين والظالمين والذين أختلفوا لم يفهموا حقيقة نزول الألواح والوصايا والشرائع على مراحل حسب تطور النفس البشرية في المجتمعات ثم نزلت شريعة الأسلام لتجمع بين ناموس العدالة وناموس الحب في شريعة وناموس واحد هو ناموس الرحمة قال تعالى:وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ - النحل فجعل الله الدفاع عن النفس أمراً مشروعاً في زمن ساد فيه منطق القوة وحكم الأقوياء حتى يكون للحق قوة تسانده ومع مشروعية ذلك إلا أنه فضل الصبر وتحمل الأذى على التعجل بالأنتقام بل القرآن كان صريحاً في تفضيل الصبر ورد الإساءة بالأحسان وأمر بذلك حرفياً: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ -المؤمنون وبعلم الله عن الخلق وهو الخالق علم أنه لن يحدث تطور في النفس البشرية بعد الرسالة المحمدية إلا في أدوات الأنسان فيصنع العربات والطائرات والقطارات فختم الرسالات بالرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يستجد شيء في الأنسانية على كثرما جد في عقله ومعارفه الأنسانية وحياته المدنية فقط والقرآن يوضح ويحدد بطريق أكثر حسماً في العديد من الآيات وحدة الدين فيقدم لنا الأنبياء في تعاقبهم وكأنهم رسل دين واحد فيخاطب الكافرين على لسان سيدنا نوح عليه السلام: فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ - يونس ثم يروى عن إبراهيم وابنه وهما يبنيان الكعبة :وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ –البقرة ثم موسى: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ - يونس وهذافرعونلحظة موته غريقاً يقول:وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ -يونس وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ - يونس وسيدنا يوسف عليه السلام يقول حينما نصره الله على إخوته وجمعه بهم:رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ - يوسف ثم يروىعن عيسى والحواريين :فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ - آل عمران ويقول السحرة الذين آمنوا لموسى:وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ - الأعراف القرآن يخبرنا أن سيدنا نوح مسلم و المسيح عليه السلام مسلم والحواريين كذلك مسلمون وسيدنا موسى مسلم والسحره الذين آمنوا له قد أسلموا وسيدنا يوسف مسلم وسيدنا إبراهيم مسلم وسيدنا إسماعيل مسلم إذا الكل مسلم بمعنى أسلم الأمر لله إذ أدرك أنه لا موجود بحق سواه ولا مقدر للأقدار ومالك للملك سواه حتى فرعون لحظة الموت أعلن توبته وقال أنا مسلم وإن لم يقبل الله عز وجل منه ذلك بل و يأمر الله بعدم التفريق بين رسول ورسول:آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ - البقرة والأديان في أصلها العقائدي دين واحد بمراحل إنزال النواميس والشرائع عبر مسيرة البشرية في الأمم السابقة وحتى الآن. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ - الأنعام قال تعالى:إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ حَقاًّ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً - النساء ولأن الأيمان لا يتجزأ فلا يمكن أن تؤمن بكتاب أنزله اللهوتكفر بكتاب آخر أنزله الله وتكون مسلماً وأنت مأمور أن تكون مؤمناً في كل ما قاله الله وليس ناقداً والله فتح باب رحمته لكل من جاهد فيه وجنته مفتوحه الأبواب لكل من سعى إليه مخلصاً وبعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم تجمعت دعوى النبوات وكان يظهر من حين لآخر من يدعي أنه نبي مرسل وأنه جاء برسالة وأنتهت كتبهم إلى النسيان فالتحدي الذي يواجه أي نبي يدعي النبوة المزعومة أن يأتي بما يدل على صلته بالله علم الغيب والشهادة وعليه أن يأتينا بداهة بعلم جديد من هذا الغيب ونبأ صادق منه ومن يرسله الله فلابد أن يأتيه سلطاناً معجزة أو يدعم بعثته بكتاب تخشع له القلوب ولآذان وتحار فيه العقول والألباب ووكان لدى بعض هؤلاء الأدعياء حيلة لكي يفتح لهم باب النبوة على مصرعيه على حد زعمهم وهي الأعتراف بالأنبياء السابقين والرسالات السابقة مع إنكارهم للمعجزات والغيب ويقتضي ذلك تفسيراً مبتدعا للقرآن يوافق الهوى والتضليل والدجل وتفسير القرآن تفسيراً باطناً للتحلل مما يوجبه فالشياطين هي رموز للحواس والرغبات والشهوات والملائكة هي الخواطر الطيبة الخيرة وإبليس هو رمز للشر الذي يسيطر على النفوس والمعجزات التي رواها القرآن هي رموز لا حقائق فعصا موسى هي الشريعة التي جاء بها ليهدي بني إسرائيل وبذلك يفسرون قوله تعالى :قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى - طه وإنشقاق البحر بعصى موسى يفسرونه رمز للتفريق بين الحق والباطل وإحياء عيسى للموتى بأمر الله هو رمز لما فعلته تعاليمه في الأنجيل في النفوس من تنويرها وإنزالة المائدة من السماء على الحواريين رمز للغذاء العقلي الذي قدمه للناس لا أكثر بهذا فسر ميرزا حسين علي الذي لقب نفسه ببهاء الله القرآن فجرده بزعمة من فكرة المعجزة والغيب حتى لا تقوم عليه الحجة ويطالبه أحد بمعجزة أو بنبأ من الغيب لأنه لا غيب هناك إنما مجرد دنيا نعيش فيها ويأتي الأنبياء كما يأتي المصلحون والعباقرة فيعلمونا أن نحيا بطريقة أحسن ومعجزتهم الإصلح الإجتماعي فقط لا غير وبذلك يكون لكل شخص رخصة مفتوحة ليدعي النبوة ويقول أنه آت من عند الله بنبوة كاذبة بلا مؤهلات ليتسول على مائدة الخالدين من الأنبياء الحقيقين دون أمتحان وهذا الأمر يمكن أن يقتلع الدين من أساسه وهو ما تلجأ إليه فرق الخوارج والاثنا عشرية والباطنية لتطويع القرآن لأغراضها في هدم بعضها البعض عن طريق التفسير الباطني للقرآن ويجب هنا إلتزام موقف في التفسير هو الارتباط بحرفية العبارة ومدلول الكلمات الظاهرة وأن لا تنقل إلى تأويل باطني إلا بإشارة والهام من الكلمات فنفسر القرآن بالقرآن ظاهرا وباطنا على ألا يتعارض تفسيرنا الباطن مع مدلول الكلمات الظاهرة أو يكون نافياً له والتفسير الباطني ليس مقبول إلا إذا كان له مؤيدا ومؤكدا للمعنى الظاهر وهذه وحده تحفظ للقرآن مقامه وللنبوة حرمتها بعد أن ختم الله بالقرآن رسالاته

[URL=http://up.arab-x.com/] القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 4 JAE38554

[/url]

» القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 5
» القرآن محاولة لفهم عصري للعالم مصطفى محمود 0مقتطفات 2
» الحلال والحرام (العلامة مصطفى محمود رحمه الله )