أيهما أولى بشبهة البنوة لله سيدنا آدم أم سيدنا عيسى عليهما السلام

وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ {116} - البقرة هذه القضية تناولها الله و عالجها في سورة الكهف كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً في قوله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا {1} قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً {2} مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً {3} وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً {4}‏ مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً {5} - الكهف تعليق من الله على قولهم وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً ورد رده في نفس الآية فيثلاثة أشياء أولاً سُبْحَانَهُ وثانياً بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثالثاً كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ سبحانه تعني تنزيه له أن يكون لديه ولد ووردت هذه القضية وهى أتخاذ الولد في تسعة عشر سورة لأنها قضية في قمة العقيدة كما هناك مقولة للمشركين أن الله أتخذ الإناث وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ {19} - الزخرف وهناك قول باهت في اليهودية لم يظهر بين الناس وهو أن عزير أبن الله وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يضاهون قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يؤفقون {30} - التوبة والله عز وجل قال في لمن تجرئ وأدعى أن لله ولد في المقولة الفاقعة جداً عند المسيحين في عيسى عليه السلام لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً {89} - مريم ومعنى إِدّاً سئ فضيع مستقبح مستكره ممقوت ومقولة لا تصح أن تقال وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً {88} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً {89} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً {90} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً {91} - مريم فالذي لا يعقل حصل له انفعال السماء والأرض والجبال اهتزت من مقولتهم تلك والمسألة تم علاجها في قوله تعالى وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً {92} إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً {93}- مريم علاجاً واسعا علاج أشترك فيه انفعال الكون من غير الأنسان السماء والأرض والجبال لأن المسألة عقائدية وجاءت ذنب في القمة والشبهة التي جعلتهم يقولون أن سيدنا عيسى أنه كلمة الله القاها إلى مريم يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً {171} - النساء ونحن جميعاً كلمة وقد تكون الكلمة بسبب وقد تكون بغير سبب ولماذا أقتتن المسيحين بسيدنا عيسى عن طريق مقولتهم تلك إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ {59} - آل عمران الله قال مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ من باب مجاراة الخصم فهم فتنوا في خلق سيدنا عيسى والذي ولد دون التخصيب الذكوري لأن عنصر الأبوة ممتنع أما سيدنا آدم عليه السلام فعنصر الأبوة والأمومة ممتنعان أيهما أولى بالفتنة في هذه القضية الفتنة أولى بسيدنا آدم عليه السلام من سيدنا عيسى والعجيب انهم غفلوا عن سيدنا آدم عليه السلام والذي فيه عنصرين مفقودين في الخلق فهو ولد بدون أب أو أم وهو الأعلى واتجهوا إلى سيدنا عيسى عليه السلام وهو الأدنى معجزة في الخلق ولد بدون أب إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ {59} - آل عمران والرسول صلى الله عليه وسلم لم يتخذ نفسه عدوناً لمن قال أن لله ولد قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ {81}- الزخرف ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن عابداً شيء هم أدعوه وليس لله في شيء لذا جاء الرد على هذه القضية في قوله تعالى وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ {116} - البقرة ثلاثة ردود في هذه القضية الإيمانية سُبْحَانَهُ - بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ - كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ وقوله بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ له ملكية والملكية تنفي أن يكون له ولد لأن الله يملك الأشياء وهو خالقها وموجودها بدون معارض له إذا لا يمكن أن تكون ملكة و جزء منه أو مفعولة له بوقت واحد لأن الفاعل له مفعول والمفعول ليس منه ولا يوجد أحد صنع صنعة ثم يقال أن تلك الصنعة منه أو أن الفاعل أوجد من جنسه ولا يقال أن الأبن ملك أبيه كل فاعل يوجد شيء أقل منه سُبْحَانَهُ أي تنزيه لله عن الولد والولد ما هو إلا استبقاء للحياة التي لا يضمنها واقع الكون لكي يحمل أسم الأب وذكراه ومن قال أن الله ولد هل كان الكون موجود قبل وجود الولد أم بعد وجود الولد كما أن وجود الولد لم يعطي للإله الخالق أي مظهر من مظاهر القوة لأن الكون موجود قبل أن يوجد الولد وقبل أن توجد الأم وهل أتخذ الله الولد معونة وضمان لاستمرار الحياة فلا يوجد في ذلك استبقاء لله عز وجل أو للنوع لأن الله حي لا يموت والأشياء تنفعل لله بإرادته إذا أراد شيء ثم يتجه بقدرته لإبراز الشيء على مقتضى الحكمة والله حين خلق كانت له كل صفات القدرة وقبل أن يخلق أيضاً كانت له صفات القدرة لأنه بالقدرة بدأت إرادته بأن يخلق الخلق ويبرز متعلق القدرة على الرغم من وجودها فمن يصنع الشعر تكون ملكة الشعر موجودة فيه وبملكة الشعر يقبل على إنشاء القصيدة وكمال الله موجود ساعة أنفعل الله أتجاه إيجاد مخلوق من مخلوقاته فلا يقال أن شيء وجد من انفعال الله ليعطي كمال لله لم يكن موجوداً والكمال الأول لم يزيد بشيء حين وجد الولد أو بوجوده ولم يزداد كمال الله كمال إذاً وجود الولد لله نقص وليس كمال الله خلق سيدنا عيسى بكل صفات الكمال والقدرة فيه ولم ينشئ سيدنا عيسى لنفسه صفة كماله وكمال الله قبل خلق سيدنا عيسى هو نفس كماله بعد خلقه وطالما أن الكمال واحد ما الداعي الزعم بأن لله ولد والله عرض هذه المسألة عرضاً واسعاً في كثير من سور القرآن لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً {89}- مريم الإد الشيء الثقيل والشيء الكريه لدرجة أن ينفعل له الوجود والكون الذي لا ينفعل في نظرنا وقال الله وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ في قوله تعالى اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ {255}- البقرة وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا أي لا يثقله فحين يقول الحق سبحانه وتعالى وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ سبحانه أي تنزيه الله عن التماثل مع خلقه لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال ومعنى في الذات أي ليست ذات ربنا كذاتنا ومعنى في الصفات هو أن الله يتصف بصفات نحن نتصف بها فالله حي ونحن أحياء ولكن هل حياته مثل حياتنا وهو قادر ونحن قادرين ولكن هل قدرته مثل قدرتنا والله موجود ونحن موجودين و فهل وجوده مثل وجودنا وفي الأفعال الله يفعل ونحن نفعل وفعل الله يكون بتوجيه الإرادة للشيء بكن يكون وفعلنا للعلاج سبحانه أي كل شيء نراه في الوجود ويخطر على البال فالله غير ذلك ومعنى أن يخطر الشيء على البال أي نتصور له شيء الله لا يمكن أن يخضع لتصوراتنا نحن لا نستطيع تصور الروح بالسمع أو الشم أو الرؤية عن طريق الحواس فإن كان خلق من خلق الله وهى الروح لا نستطيع أن ندخله دائرة التصور فكيف ندخل الله الأعلى في دائرة التصور إذاً الله خلاف أي شيء يخطر على البال سبحانه أي ننزه الله ذات وننزه الله صفات وننزه الله أفعال وقوله تعالى بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قضية تناقض أتخاذه الولد كما قلنا سابقاً كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ . كُلٌّ منونة وليس كل شيء بل الأشياء التي ذكرت سابقاً النون هنا تسمى عوضاً عن الجملة السابقة قَانِتُونَ أي خاضعون مخبتون ومعنى خاضعون أي انهم ليسوا من جنسه بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {117} - البقرة بديع أي إيجاد على غير مثال والله أعلم

» عيسى عليه السلام
» خطايا البشر الطفيلية تقتات من وهم خطيئة سيدنا آدم عليه السلام
» أيهما الأصح ؟