الخروج من المياه غير المعلومة أصعب من الدخول فيها

البعض مسكون بعقدة النقص والأنهزامية والدونية أمام الحضارة الغربية ومعطياتها المادية ومهما كانت البراهين والأدلة ساطعة الوضوح لدينا ومن مورث ثقافتنا الأسلامية يظل الكثيرين تسكنهم الثقة في الآراء و المدح والثناء القادم من البعيد كأن زمار الحي لا يطرب ولعله من المناسب الأستشهاد بمقولة أبن خلدون في مقدمته «إن المغلوب يقلد الغالب للاعتقاد بكماله... فهو يقلده في شعاره وزيه ونحلته وسائر عوائده» ونظرات العقول الفاحصة خير شاهد على ما نحن عليه الآن وإلى أي الفريقين ننتمي الغالب أم المغلوب( وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) ومجاراة لأعزاءنا الناكثون المهزومون والذين تسكنهم شهوة المخالفة واللجاج والجدل بشان عراقة حضارتنا الأسلامية المتفوقة قيماً ومباديء على كل الأمم السابقة واللاحقة على الصعيد الأنساني قبل التقدم العمراني وبالقلم قبل السيف الغير مأزومة بتفوق عرق أو جنس أو لون شأن الحضارات الغبرة أو المعاصرة نستشهد ببعض الأراء لمفكرين وفلاسفة متقدمين من ذوي البشرة البيضاء من بني الأحمر(الأوروبيون) والمصنفون أنهم من اكثر الشعوب تعلماً في العالم وغيرهم من الشعوب من غير المسلمين والذين تكلموا عن نبينا وحبيبنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة « ينج إنديا » : « أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيفويقول الانجليزي ( برناردشو ) في كتابه "محمد" ، والذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال ، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا). ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" : إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي. ويقول الأديب العالمي (ليو تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية:يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.وهناك الكثيرين غيرهم ممن تكلم عنه صلى الله عليه وسلم وهذا غيض من فيض هل هناك من يخبرنا إن وجد على ظهر الأرض أعظم من محمد صلى الله عليه وسلم فكراً وروحاً وسمواً حتى من غير أبناء جلدتنا من أمة محمد عرفوا هذه الحقيقة بداهة وسطروها عنه لم يحجزهم عن التصريح بذلك أختلاف عقيدة أو دين. محمد صلى الله عليه وسلم أجل وأعلى مكانة من أن يجحدوه الجاهدون أو ينال من شرف مقامه المتطاولون ولست هنا بصدد مدح خير الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما أنا سوى الداعي يحدوني الرجاء والأمل أن يكرمني الله في الدنيا أن أكون من أحبائة وفي الأخرة من الجلساء بين يديه الثمها تقبيلاُ وتعظيماً وتشريفاً( أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري" "بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ انتِسابا)) لقد أصاب المجتمع السعودي بشكل خاص والعالم الأسلامي بشكل عام الجزع من تطاول أحد الأشخاص على مقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بكلمات سقطت به إلى هاوية سحيقة أقل ما يقال عنها أنها كانت للإلحاد أقرب منها إلى الفجور والفسق وهى كلمات تحمل من الرعونة والبذاءة والأسفاف ما تحمله و لا مجال لذكرها الآن وكلماته المتطاولة هى أشبه بالأعرابي الذي بال في زمزم كي يذكره التاريخ ولو باللعنات وحين أشتهر أمر هذا الشخص في وسائل الأعلام تبادر إلى ذهني قول مأثور الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ويقال أنه حديث ولكنه ضعيف السند ولقد أنقسم عوام الناس بشأنه إلى قسمين قسم تخندق مع المتطاول على مقام النبوة للدفاع عن حرية التعبير المطلقة دون رادع من قيم أو مبادي أو خطوط حمراء لمسلمات الدين وقداسة مقام ومحبة النبوة في قلوب مليارات المسلمين منهجاً وعقيدة وتعبداً أما القسم الثاني أنقض بحماسة بالغة للدفاع عن الدين دون رصيد من معرفة فأخرجه حماسه والمغالاة من مركب الخير إلى بحر الشر حتى أن البعض جعل من قصته جزء من مؤامرة كبرى تحاك في الخفاء ضد الإسلام و نزع حق السلطة الشرعية بمحاكمتة وأعطى لنفسه الحق في البحث عنه وتطبيق حكمه بالقتل عليه وهذه حماسة غير محمودة بل تشدد و تطرف تهوي بصاحبها إلى الحضيض وهو يظن أنه يرتفع إلى السماء وأمثال هؤلاء لا يختلفون عن هذا المتطاول في أنهم لم يكن لهم من فهم الأسلام سوى الفهم السطحي بكتاب الله عز وجل والسطحية في فهم الدعوة الأسلامية والسيرة النبوية الشريفة قال الرسول صلى الله عليه وسلم :إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق.وقال تعالى ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {125} – النحل و قلوب الصالحين يترصدها الشيطان حتى يخرجها من الخير إلى الشر للإيقاع بها في المغالاة فيصيب أمثال هؤلاء الدين في مقتل وهم يظنون أنهم يحرسون حماة الدين قال تعالى وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً {53}- الأسراء والأدهى أن المتحزبين للحرية والعدالة والمساوة(الإباحية والإلحاد) تخندقوا سوياً في مسار واحد واصبحت حجتهم أن الهجمة ضد تطاول هذا الشخص هجمة ضد كيانه الحر المفكر ...الخ ومن العجيب أن البعض لا ناقة له فيها ولا بعير وجعل نقده غير المتبصير وحماسه الذي يركب مطية الجهل عودة للعصر الجاهلي والتعصب القبلي المتلبس بالدين وطالب بإسقاط الجنسية الوطنية عن هذا المتطاول الذي لا ينتسب إلى أحد القبائل بالجزيرة العربية والزج به إلى ما وراء الحدود وكأن المسألة برمتها حرب من حروب داحس والغبراء أو حرب البسوس في العصر الجاهلي وليست قضية تطاول على أشرف الأنبياء والمرسلين وسيد الخلق جميعاً تمس صلب العقيدة لكل مسلم على وجه المعمورةوقيل قديماً الحماس مطية الجهل وصدق الشاعر حين قال مهما تكن عند أمرئ من خليقة ***وإن خالها تخفى عن الناس تعلم) ورحم الله الأفذاذ من هذه الأمة الشيخ سيد قطب رحمه الله الذي قال(كذلك الحق لا يجحده الجاحدون لأنهم لا يعرفونه. بل لأنهم يعرفونه! يجحدونه و قد استيقنته نفوسهم، لأنهم يحسون الخطر فيه على وجودهم، أو الخطر على أوضاعهم، أو الخطر على مصالحهم و مغانمهم. فيقفون في وجهه مكابرين، و هو واضح مبين.” ― سيد قطب, في ظلال القرآن) و قبل أن يلتحق الشيخ سيد قطب بركب الدعوة الأسلامية كان من المناصرين للحرية الماجنة وكتب مقال يدعوا فيه لحرية العري والتجرد من الملابس في الأماكن العامة وأراد بعض المتدينين الرد عليه في مقال بنفس الجريدة التي نشر فيها مقاله عن العري ولكن حكمة الشيوخ من الأمام حسن البنا وجدت أن في أهمال مقاله عن العري مصلحة أكبر وذلك بتهميشه وعدم أثارة دعاة الأنحلال للتكتل والألتفاف حوله وفتح نافذة له لمراجعة نفسه ولو بعد حين وصدقت النبوءة بعد وفاة الشيخ حسن البنا واصبح سيد قطب رائد من رواد الدفاع عن الأسلام ومن أهم المنظرين للدعوة في القرن الماضي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قِيلَ : " يا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ ؟ قَالَ : أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ . قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ . قَالَ : فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَنِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا " . لست من دعاة الدفاع عن متطاول لمقام نبوة سيدي وحبيبي وقدوتي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذا المتطاول هو الآن بين القضبان ينتظر المحاكمة وهو من وجهة نظري الشخصية يستحق هذا المصير و علمت يقيناً أنه كان أحد الشباب المتدينين من حفظة القرآن حيث صرحت والدته بذلك في أحد القنوات الفضائية نسئل الله العلي القدير عز وجل الثبات ويا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وكم من المخجل أن يكون أمثاله بيننا ومن أبناء جلدتنا ولكن الله قال وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {34}- فصلت و نحن أمة أسلامية واحدة بمختلف أطيافنا وأعراقنا ونحن دعاة لا قضاة وإذا كنا سنبادل الأساءة بالأساءة فمتى ستنتهي الأساءة قال تعالى وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {34}- فصلت "اخيرا وليس اخرا" أعرف أن الموضوع شائك ومتشعب والخروج من المياه غير المعلومة أصعب من الدخول فيها إن أحسنت فمن الله ، وإن أسأت أو أخطأت فمن نفسي والشيطان