تفسير سورة الطارق( اللهم نعوذ بك من طارق هم يطرق بسوء اللهم احجبه عنا بفضل جودك وكرمك و بلطفك الخفي)

وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4} فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ {5} خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ {6} يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ {7} إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ {8} يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ {9} فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ {10} وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ {11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ {12} إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ {13} وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ {14} إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً {15} وَأَكِيدُ كَيْداً {16} فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً {17}‏ - الطارق تقدمت سور كثيرة فيها لفت الإنسان إلى مظاهر الكون الرتيبة وإلى ما يعقب ذلك من تغيير هذه الثوابت بما يحدث من انقلاب في الوجود كقول الحق سبحانه وتعالى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {1}– التكوير وقوله سبحانه إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ {1} - الإنفطار وسبق أن سمعنا ايضاً قول الحق سبحانه وتعالى قسماً وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ {1} – البروج وهنا يقول الحق سبحانه وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4}– الطارق و السماء هى كل ما علاك وأظلك هذا هو معناها في اللغة ومعناها المراد في بنائية الكون السماء ذات الجرم التي خلقها الله سقفاً للأرض كلها والعلماء حينما تكلموا عن السماء نظروا إلى جهة العلو وكلما اهتدى عقلهم وكشفهم إلى وجود شيء أعلى ظنوه سماء ففسروا مثلاً في هذا القرن أن الكواكب السيارة التي تدور حول الشمس هى السماء السبع لأن العقل لم يكتشف سيارات حول الشمس إلا هذه الكواكب السبعة وبعد ذلك كُشفت سيارات أخرى فبطل تفسيرهم بأن السماوات هى هذه الكواكب التي كانت تدور حول الشمس لأنه وصل عددها الآن إلى عشرة والواقع أن كل ما نراه من كواكب ونجوم و افلاك كل ذلك دون السماء الدنيا فكأن السماء الدنيا بعد ذلك كله وكان يجب على الذين يستنبطون هذه الاستنباطات أن يلتفتوا إلى قول الحق سبحانه وتعالى حينما تكلم عن هذه الكواكب إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ {6} – الصافات فيجب أن نعلم أن كل ما نراه من نجوم وكواكب و افلاك ذلك دون السماء الدنيا وبعد ذلك بقيت السماء الدنيا سقفاً محفوظاً كما أرادها الله عز وجل مبنية أما من أي شيء بنيت و أما كيفية ذلك البناء ؟فهذا امر لم يطلب منا الله أن نعرفه كسائر المدركات التي لا تدخل تحت التجربة ولا يمكن أن ينالها الحس ويكفي حين يقول الحق السماء أن نستحضر في أذهاننا مدلول هذه الكلمة وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ يعطينا الحق صورة من آثار ما لم نعرف فينا كينونته ولكن نعرف فينا أثره ونعرف له مهمة وغاية العبد المكلف أن ينظر إلى آثار الأشياء عليه ولا يعنيه كيفية هذه الأشياء فالانتفاع بالأشياء شيء ومعرفة تكوينها شيء أخر انتفاع الإنسان بكل ما هو موجود في الكون لم يترتب على أنه عرفه نحن نتمتع بالشمس ونتمتع بالهواء ونتمتع بكل شيء وإن كنا لم نعلم الحقيقة التي توجد عليها هذه الشمس أو هذه الأشياء فالحق سبحانه وتعالى يلفتنا في قوله وَالطَّارِقِ إلى شيء ننتفع بآثاره ثم يدلنا أن الطارق هذا أمر لا يمكن للعقل البشري لوحده أن يعرفه ولذلك يقول فيه وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} – الطارق أي أي شيء اعلمك بذلك الطارق فكأنه بعقولنا لا يمكن أن عرف ماهية ذلك الطارق ابداً ولكن نحن نتلقى آثار ذلك الطارق ثم يعرفنا الحق ويقول النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} -الطارق إذاً فتعريف الحق بالطارق النَّجْمُ الثَّاقِبُ نقف عنده وقفة أسم الطارق أسم فاعل من طرق ومعنى طرق ضرب بوقع وشدة حتى يحدث صوتاً فالطارق هو الذي يضرب بشدة وقوة بحيث يُسمع لضربه صوت ومنه مطرقة الحداد لأنها تحدث ذلك الصوت ومنه سمي الطريق وهو السبيل الذي نسلكه لأن السابلة (السابلة جمع سوابل أي المارون عليه ) تطرقه بأقدامها وبعد ذلك نقلت نقلة أخرى وخصت بالسائر ليلاً حيث تم التوسع بذلك وسمي السائر ليلاً فهناك نقلات متعددة ولماذا جعلت اللغة هذا اللفظ ينحاز أخيراً إلى الطارق ليلاً قالوا لأن الليل سكون ومعنى السكون ان تهدئ الحركة ويذهب الضجيج فلما تهدئ الحركة ويذهب الضجيج أي حركة للمشي تسمع الذي يفسد على الناس سماع المشي أن حركة الكون تحدث ضجيج عند الناس ولكن إن كان هناك سكون من الممكن أن الطارق يسمع له صوت أو أن طارق الليل يأتي والأبواب مغلقة دائماً فهو يطرق أو يدق عليها ليستأذن أما في النهار فهى مفتوحة إذا انحازت كلمة الطارق إلى أنه هو الذي يسير في الليل وبعد ذلك تم التوسع فيها بأن تعني كل ما يطرق على الإنسان و لو من وهم أو خيال يسمونه طارقاً ولذلك يقال نعوذ بالله من طارق الهم هو خاطر يطرق بالسوء يفسد على الإنسان مزاجه ليس له امر محس ولذلك قيل أن الطارق يمكن أن لا يؤذن له ومن الممكن إن كان مادياً أن يدفع فإن كان غير مادي لا نعرف كيف يتسلل إلى النفس هذا الشر الذي لا يمكن أن نحجبه كأن نغلق الباب في وجهه أو أن ندفعه إن رأيناه لأنه يتسلل علينا بلطف و يدخل على القلب وهذا هو طارق الهم والحق سبحانه وتعالى حينما يقول وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} – الطارق ومعنى الثاقب أن النجم يثقب الظلام وينفذ فيه وثقب الظلام آية من آيات خلق الله لأن الله يريد ان يبين لنا العناية بخلقه فحين يرسل الشمس ضياء بالنهار فينشط الناس إلى حركاتهم ويعرفون ما يتناولون وما يبتعدون عنه وحين يأتي الليل ويلف الظلام الكون قد يضطر الإنسان أن يعمل ليلاً أو يسير في الليل والحق سبحانه وتعالى لم يمنع هذا اللون من الحركة ولذا خلق النجم و لذلك يقول في آية أخرى وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ {16} – النحل وهل ثقب الظلام بالطارق هل هو أمر منظور أم مسموع ؟ إنه أمر منظور فيكف تكلم القرآن عن الأمر المنظور فقال أنه الطَّارِقُ فالمعنى الأخير الذي انتهت إليه كلمة طارق هو الوافد علينا من أي لون ولو كان وهماً أو خيالاً أو كان أمراً لا صوت له حينما قال الله النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} – الطارق يدل على أن الاشعاع الذي يأتي من النجم لكان الليل كتلة واحدة ولو كان الليل كتلة واحدة كان ظلام شامل وحين يكون الظلام شامل تكون الحركة غير متأتية فيأتي الحق ويقول أن النجم يثقب الليل بهذا الضوء هذا مبلغ العناية من الحق سبحانه وتعالى بهذا الإنسان يعطيه في النهار الشمس ويعطيه أيضاً في الليل الضوء حتى لا يمتنع من يريد الحركة عن الحركة وكل قسم في القرآن لا بد أن تكون له صلة بالمقسم عليه المراد تأكيده فما هو علاقة الطارق والذي هو النَّجْمُ الثَّاقِبُ بما يقسم عليه الحق سبحانه وتعالى وهو إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4} – الطارق حافظ إما أن تأخذ من الحفظ بمعنى الرعاية والعناية من الحافظ للمحفوظ وإما أن تأتي من حافظ أي رقيب لا يغيب عنه شيء فإذا توجهت الكلمة إلى معنى الحافظ الذي يراعي المحفوظ بحفظه نجد أن الحق سبحانه وتعالى يقول في آية أخرى من آياته لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11} – الرعد أي ذلك الحفظ من أمر الله و الإنسان تمر عليه أحداث كثيرة لا يمكن لقوته أن تدفعها ولا يمكن لحيلته ولا يمكن لأناته ولا لرويته أن تفكر فيها وكثير من الحوادث تصريفها يرجعه الإنسان إلى الله فيقول ذلك شأن إلهي قوتي و حيلتي عجزت عنها ومعنى ذلك أن الله وكل بالإنسان من يحفظه من الأشياء التي تفوق طاقته وتفوق قدرته أو تعجز أناته و رويته فهناك أشياء تجعل الإنسان يتأنى ليحتاط منها وهناك اشياء تسقط على الإنسان لا حيلة له فيها و لولا أن الله عز وجل حافظ للنفس الإنسانية لكانت الأحداث المفاجئة التي لا تدخل تحت طاقة الإنسان ولا تنتظر أناته و رويته وتفكيره لكانت قضت عليه فقول الحق سبحانه وتعالى لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ تدل أن الإنسان ليس متروكاً لرعاية نفسه ولا للعناية بها فهناك أشياء و أحداث فوق عنايته ورعايته ولولا سخر الله له من جنوده ما لا يعلم مما يحرسه ويحفظه كانت هذه الأشياء فتكت به مما يدل أن الحفظ هنا هو العناية والرعاية للمحفوظ أو أن الحفظ يكون معناه الرقابة والعلم بكل ما يقع ويكون من هذا المخلوق ومن ذلك قوله تعالى وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ {10} كِرَاماً كَاتِبِينَ {11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ {12} – الإنفطار فكلمة حافظ تعطي ما للإنسان وما على الإنسان فكل شيء لك يقابله شيء عليك والذي لك كان على الله والذي عليك كان لله فما دام يوجد له ويوجد على لو كان المعنى الأول هو المقصود في الآية وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ لقال وإن لكم لحافظين فهذه تأتي في باب على وليس لكم ويؤيد قوله وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ {10} كِرَاماً كَاتِبِينَ {11} – الإنفطار قوله تعالى إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4} – الطارق فقوله إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4} – الطارق أي بمعنى إلا عَلَيْهَا حَافِظٌ وإن هنا يكون معناها النفي لأن إن تكون شرطية يقال إن قام زيد قام عمر الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {2} – المجادلة أي ما أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ فتكون إن هنا نفي وفي قوله إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4} – الطارق نحذف إن ونضع ما كُلُّ نَفْسٍ إلا عَلَيْهَا حَافِظٌ أي لم توجد نفس منفلتة من الحفظ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ {9}– الطارق إذاً الحق سبحانه وتعالى نقلنا من آية كونية إلى آية نفسية الآية الكونية هى وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} – الطارق هى آيات في الكون مرئية يشاهدها كل شخص نقلنا من ذلك إلى آية في النفس الإنسانية ويتجلى دقة الأداء القرآني في قوله إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4} – الطارق لأن العطاء الأول لصالح النفس فطالما أن النجم ثاقب لنعرف به حركتنا فهو لصالحنا وكل شيء يعطى لنا يجب أن يكون لها مقابل لا يعتني الله بالإنسان هذه العناية ثم يتركه سدى عنايته به دليل أن له مهمة معه ولذلك يشرح الله قضية كونية أخرى في قوله فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ {5} خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ {6} يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ {7} إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ {8}– الطارق ينسجم القسم في قوله وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} – الطارق مع قوله إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {4} – الطارق وينسجم أيضاً انسجام أخر مع قوله سبحانه وتعالى فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ {5} خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ {6} يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ {7} - الطارق وينسجم ايضاً مع الحفظ في قوله إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ {8}– الطارق متى يكون ذلك يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ {9} فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ {10} – الطارق قوله فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خلق الإنسان أمر لا شك فيه ولكن المطلوب أن ينظر في الصورة الجمالية والكمالية في الكون باستقراء الكون الإنسان هو السيد المتميز في هذا الكون كل اجناس الكون في خدمته فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ {5} خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ {6} يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ {7} – الطارق هذه حقيقة تعرض القرآن لها قبل أن يكشفها العلم الحديث الصُّلْبِ هو عظام الظهر من الرجل وَالتَّرَائِبِ عظام الصدر من المرأة أو موضع القلادة منها العلم النهائي خلص إلى هذه الحقيقة خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ اسندت الدفق إلى الماء مما يدل على أنه لا يتدفق بإرادته و وحين نلاحظ هذا الأمر نجد أن الإنسان يُغلب على أمره فلا خيار له في أن يدفق منه الماء فكأن الدفق خاصية موجودة في الماء ذاته بحيث لو حاول الإنسان أن يمنعه ما استطاع ولذلك لم يقل الله سبحانه وتعالى مدفوق و مدفوق الفعل من غيره ولكن دافق يدل على أن الخصوصية فيه فحين يصل الرجل إلى قمة اللذة الجنسية يغلبه ذلك الماء بحيث لا يستطيع مطلقاً أن يمنعه ونسبة الدفق إلى الماء تعطي أنه خرج عن إرادته الإنسان له القدرة أن لا يصنع الوسائل التي تؤديه ولكن إن صنع تلك الوسائل لا قدرة له في التحكم فيه ابداً هذا المراد بماء دافق وما المراد بالإنسان إذاً يجب أن يكون الخطاب موجه إلى الإنسان الذي خُلق من ماء دافق الحق يريد أن يلفت الإنسان إلى أصل وجوده ولا يلفته إلا إذا كان هناك غفلة ولا تكون هناك غفلة إلا لأنه لم يشهد ذلك الأمر و لكن سيدنا آدم عليه السلام شهد التكوين بيد الله وشهد النفخ فيه من الله سيدنا آدم لا شك لديه في هذه المسألة ولكن الشك أتى من الخلق الذين أتوا بعده ولم يشهدوا خلقهم ولم يدركوا هذا الأمر وحتى يعلمنا الله عز وجل أن السبب ليس هو الموجد ولكن المسبب هو الموجد فحين ينعدم الدافق الذي يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ من هذين العنصريين يقدر أن يخلق وقد خلق سيدنا آدم الأب الأول على هذه الصورة وحين يريد أن يوجد من واحد دون الأخر يوجد وجدت آمنا حواء ووجد سيدنا عيسى عليه السلام المسألة ليست متعلقة فقط على الأسباب و دائرة عليها السبب منع من واحد والسبب قد يمنع من الآخر وقد يوجد السببان معاً الماء الدافق و يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ولكن الحق سبحانه وتعالى لا يوجد منهما شيئاً ولذلك قال تعالى لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ {49} أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {50} – الشورى لقد تكلم الله في العقم عند اكتمال السببين فالله حين يخلق بسبب هذه العملية الرتيبة ولكن هذا الأمر لا يحدد مجال قدرته لأنه يخلق أيضاً بدون سبب ومع اكتمال السببين ووجودهما معاً لا يـتأتى منهما شيء وقد وصف الله الماء الدافق أيضاً أنه من ماء مهين أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ {20} – المرسلات إرادة الحق سبحانه وتعالى هى التي جعلت منه ذلك الإنسان العالي السامي وإلا هناك كائن يشترك معه في الصلب و الترائب والماء الدافق ولا يصير إنسان بل يصبح حيوان ويظل في مرتبته الحيوانية هذه ولذلك لا نقول أن الحيوان له روح بل هو بهيمي فالإنسان في بطن أمه لا يصبح إنسان إلا بعد مائة وعشرين يوم وقبل ذلك يكون في النامية الحيوانية لهذه المدة عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدْ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ حَدَّثَنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ، وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ. فَوَ الله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا. رواه البخاري أثبت الله لنفسه العظمة في التكوين و أثبت العظمة في الإيجاد وظهرت عظمته في أنه خلق هذا الإنسان المتميز بكل مواهبه وملكاته من ماء مهين وكل ما اعطاه الله من عناية بهذا المخلوق تتطلب أن يكون ما يترتب عليها فكل ما يكون له يترتب عليه والله لما كتب له أشياء رتب عليه أشياء كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {54} – الأنعام فما دامت المسألة لك يكون في المقابل عليك فالعناية التي وهبت للإنسان كل هذه الملكات وجعلته جنس أرقى من جميع الكائنات في هذا الكون لا يمكن بعد ذلك أن يترك هكذا عبث هل هندسة الله العظيمة في خلق الإنسان فقط لهذه الفترة البسيطة التي يقضيها في هذه الدنيا بالطبع لا وخير الفترة الثانية من الحياة الآخرة يأخذها الإنسان من فترة الحياة الأولى ويكون هناك حسيب ورقيب لأننا من الضرورة أن نُحاسب حساب من يرى خفايا الأمور ولذلك يقول يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ {9}- الطارق ومعنى تُبْلَى السَّرَائِرُ أي تختبر لإخراج المكنوز فيها و السَّرَائِرُ هى ما أسره الإنسان وإن كانت السَّرَائِرُ هى ما أسره الإنسان ستبلى وتختبر فالأمور التي أعلنها الإنسان من باب أولى ستكون واضحة ولكن لما كان الإنسان يعتقد بأنه بكتمانه وأسراره لكثير من الأشياء يخفيها هو في الواقع لم يتمكن من ذلك لأن الله قال وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى {7} – طه وحين يسال سائل السر وهو ما اخفيه في نفسي ولكن ما هو الشيء الأخفى ؟ السر وجوده في النفس قبل أن يسره الشخص إلى الغير هو ذلك الأخفى فبل أن يتعدى إلى الغير وهذا تفسير والتفسير الأخر إن السر يكون في النفس وهو خفي لأن المخفي لابد ان يكون بعد وجوده فهو يعلم قبل أن يوجد فمعنى السِّرَّ وَأَخْفَى أي قبل أن يكون سر عندنا هو عالم به و أنه سوف يكون سر تخفيه وقول الله إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ {8} – الطارق هى كانت موضع الشك للمعاصرين لنزول القرآن وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً {49} – الإسراء ‏ فيأتي الحق سبحانه وتعالى ليدلل من الوجود الذي يحيط بنا دليلاً يدلل على أن رجعة الخلق شيء بسيط لأن هذا حادث في الكون وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ {11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ {12}- الطارق ما هو الرجع ؟ الرجع هو المطر فالمطر ينزل من السماء وهو يتبخر ويطلع إلى السماء فالماء يأخذ دورته ويرجع وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ والماء لا يفيد الإنسان إلا إذا نزل من السماء فوجوده في البحر ماء مالح ولكم وجوده ماء مبخر عذب يكون في صالح الإنسان في الشرب والري فهذه علمية تتم في دورة ولذلك قال الله وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً {1} فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً {2} فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً {3} فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً {4} إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ {5} وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ {6}‏ – الذاريات وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً هى الريح و فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً هى السحاب تحمل الأمطار حملاً ولماذا بعد أن قال الله إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ {8} – الطارق قال وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ {11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ {12}- الطارق أتى الله بدورة الماء من بدايتها إلى نهايتها والإنسان يشاهد هذه العملية وكمية الماء في الكون لا تنقص ولا تزيد وبعد التبخر يتقطر الماء بعد أن يتصاعد في الجو ثم يتكثف وينزل ثم يتبخر مرة أخرى وكأس الماء الذي نشربه قد يكون تقطر ملايين المرات وكذلك الإنسان بعد الموت تتحلل عناصره ويتبخر منه الماء وقول الله وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ {11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ {12}- الطارق تعطينا ملابسات الخلق الأول لأن الماء الدافق في قوله خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ يشبه الرجع وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ الأرض تتشقق ويطلع منها النبات مثل أصل تكوين الإنسان ماء دافق وينزل في الرحم ثم يأخذ الصورة التي يكون عليها من بداية النمو إذاً الحياة كلها قوانين منسجمة يحكمها قانون واحد هذا القانون الواحد موجود في كل الوان الوجود وتكلم الله في الماء الدافق الذي يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ومنه يخرج الإنسان العجيب هذا هو الخلق ثم بعد ذلك الخلق يحتاج ذلك الخلق قيومية عليه ليعيش فقد وهب الله الخلق هذه الحياة وهناك استبقاء منه لهذه الحياة والله تكلم في الآية الأولى عن وهب الحياة خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ {6} يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ {7}- الطارق وبعد ذلك تكلم عن استبقاء الحياة وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ {11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ {12}- الطارق فحين ينقلنا الله من الكون إلى النفس ثم بعد ذلك يعرض الله في القرآن الكون والنفس هذا العرض بهذا التمازج بحيث أن الله خالق هذا الكون هو خالق هذا الإنسان و هو قائل هذا القرآن وهو بذلك يلفتنا أن نأخذ المنهج منه ونعلم أن هذا المنهج هو الفضل فبعد أن قال وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ {11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ {12}- الطارق يقول إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ {13} وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ {14} – الطارق قول الفصل كل ما جاء من قضايا القرآن ومعنى قول فصل أي أنه يتم الخصومات حول الأشياء والفصل بين الشيئين يجعل أن كل خصم في جانب والكون لا يخلوا من النزاع فأما أن يقرر الله خطأ جانب على جانب أو يقرر خطأ الجانبين فحين يكون هناك صراع بين طرفين الفصل في النزاع له صورتين الصورة الأولى أن يرجح حق ذي الحق عندما يكون الصراع بين حق وباطل أو أن يكون الخصمين يتجادلان في باطل والفترة التي جاء فيها الإسلام لم يكن هناك منهج للحق سواء من أهل الكتاب الذين حرفوا الدين أو الوثنيين من عباد الأصنام من المشركين لم يكن هناك حق واضح والطرفين مختلفين فيه بل كلاهما كانا على ضلال إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ {13} وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ {14} إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً {15} وَأَكِيدُ كَيْداً {16}– الطارق هنا أمرين أمر الكيد منهم ثم بعد ذلك الكيد الذي قال الله عنه حينما نجد لفظ اطلق ونسبه الله لنفسه مما لا يستسيغ الفكر أنه ينسب إلى الله مثل الله يكيد الله يمكر وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {54} – آل عمران وقال تعالى وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {50} – النمل يسمى هذا الأسلوب في الأداء الببياني المشاكله ومعنى المشاكله أن تأتي بلفظ هذا اللفظ يدل على معنى هذا المعنى ليس هو عطاء اللفظ لغتاً ولكنه جاء هذا اللفظ لوقوعه في صحبة غيره وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ في قوله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {30} – الأنفال والمكر هو احتيال على إيذاء خصم لم نقدر على إيذاءه بالمواجهة بتدبير المكائد وتدبير المكيدة هو اثبات لعجز الماكر لأنه لو لديه قوة لم يذهب إلى المكيدة كان سوف يواجه ولذلك المكر عادة الضعفاء يمكرون ويحتالون لأنهم لا يستطيعون على المواجهة ولذلك الضعيف حين يملك فرصة يصبح جبار وطاغية ولكن القوي يملك الفرص ويعفو لأنه يملك العديد من الفرص وفي أي وقت يستطيع أن يأتي بالخصم أما الضعيف إذا جاءت له الفرصة ومكنته الظروف من عنق خصمه يجهز عليه قد لا يكون لديه فرصة أخرى وربما قتله لذا قيل : وضعيفة فإذا أصابت فرصة قتلت, كذلك قدرة الضعفاء فالذي يمكر والذي يكيد والذي يدبر في خفاء أول شيء منه ذلك شهادة لنفسه أنه ضعيف وهو يعتقد أنه يغلب بمكره واحتياله ومن يمكر بمن يساويه في البشرية يمكر ولكن من يمكر بمن يعلم مكره لا يكون مكر فمن يعلم طرائق المكر لواحد هل ينفع مكره معه ؟ لا ينفع فمن يمكر بمن يعلم مكره فلا مكر يخيب مكره فهم يعتقدون أنهم يمكرون بمساوي لهم في البشرية وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُون هم يمكرون والله يشعر بمكرهم ولكن حين يمكر الله بهم لا يشعرون بمكر الله عز وجل فلا مكر لهم مع الله وحين علم الله مكرهم لا يكون ذلك مكر منهم انتهت المسألة منهم وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {30}- الأنفال لم يقل هنا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون بل قال وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ لأن مكر الله لا يستطيع أحد أن يعلم به ابدا ولكن مكر الناس الله يعلم به إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً {15} - الطارق لم يستطع امثال هؤلاء الضعفاء الوقوف في وجه الدعوة وأخذوا بالمكر ولكن مكرهم مكشوف عند الحق سبحانه وتعالى وحين يكشف المكر لا يكون مكر لأن مكر الله خير من مكرهم وهل يكون الله سبحانه وتعالى بذلك مكار لا حين يقول الله عن نفسه فعلاً نقف عند ما يقول ولا نشتق له اسماً فلا نقول الله كائد ولا ماكر فليس من اسماءه الماكر أو الكائد بل نقف في الحدث عند ما قال الله به لأنه جاء به على طريقة المشاكله لأن الكيد والمكر تبيت أمور يظن من بيتها أنها خافية على من بُيت له ولكن الله يعلم ما لا نعلم ولا يمكن ان يبيت احداً عليه امر ولا يخفى عنه شيء إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً {15} وَأَكِيدُ كَيْداً {16} فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً {17}‏ - الطارق من الذي يمهل هل هو الرسول صلى الله عليه وسلم أم الحق سبحانه وتعالى الله الذي يمهل ولكن إيناس الله لرسوله صلى الله عليه وسلم فالله عز وجل بعث رسوله وهو يقف معه ولا يخذله ويؤيده وكل المصاعب و المشاق في الدعوة الغرض منها تمحيص المؤمنين والله يريد أن لا يثبت معه في الدعوة إلا من يصبر معه على هذه الشدائد ومن يصبر منهم يكون أهلاً لأن يحمل هذه الدعوة إلى الدنيا فكان الموقف بيد الرسول صلى الله عليه وسلم في تمهيل الكافرين ثم يقوله له أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ورويداً أي قليلاً معنى كلمة رَوْد أي قليل كأن ذلك يشي بأن الامهال لن يطول وبتتبع تاريخ الدعوة نجد أن الامهال لم يكن فقط إلا لتربية جنود الدعوة تربية تصبر على الشدة في دنيا لا خير لمن يأمل فيها شيء ثم يأتي وعد الله بعد ذلك ويتحقق في قوله إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ {1} - النصر

» تفسير سورة البلد (اللهم أن في تدبيرك ما يغني عن الحيل)
» تفسير سورة التحريم
» تفسير سورة البينة