اختلال وطغيان حركة الغرائز الإنسانية المتعدية ومظلومية الغريزة الحيوانية البريئة

الإنسان المغرور بعقله يغفل عن مهمة عقله الأساسية وهذا منتهى الغباء منه مهمة العقل ليست انطلاق الحركة بل مهة العقل عقل الحركة أو تهذيب الحركة بحيث تؤدي إلى الغاية المطلوبة بأداء يحقق نفع اكثر لذلك نجد من الأشياء اللازمة وهى الغرائز وهى غير الأشياء المتعدية والحيوان لديه غريزة وهذه الغريزة لازمة وسميت غريزة لازمة لأنها تؤدي المهمة التي بسببها وجدت هذه الغريزة بحيث لا يحمل الغريزة امراً زائداً عما اعدت له مثلاً الحيوان لديه غريزة حب الطعام ولكن بعد الشبع لا يمكن ان يأكل مرة اخرى أي شيء زائد عن حاجته حتى لو تعرض للضرب فهذه غريزة لازمة تؤدي الغرض منها بقدرها لكن الإنسان قد يأكل ويشبع ثم يأكل مرة أخرى الوان اخرى من الطعام هذه غريزة تعدت المقصود منها غريزة الطعام الغرض منها اعطاء الجسم طاقة والحيوان حين يكتفي لا يتناول أي شيء من الطعام أما الإنسان ينطبق عليه القول القائل أَرِ معدتك ألوان الطعام و اصنافه ، تريك الأركان الخالية فيها هذه غريزة متعدية والحيوان لديه غريزة حفظ النوع و ايضاً هى غريزة لازمة تؤدي النوع فقط فبمجرد ان تحمل الأنثى يحجم عنها الذكر والإنسان يظلم الحيوان حين يقول شهوة بهيمية بل هى شهوة انسانية لأنها لو كانت شهوة حيوانية فإنها كانت تؤدي الغرض منها فقط لذا فقد جاء المنهج الرباني من الرسل ليحجز هذه الغرائز المتعدية في الإنسان لأن الحيوان ليس له اختيار والإنسان مخلوق باختيار عقل الإنسان يختار بين البديلات والحيوان لا اختيار له فالعقل المطلوب منه ان يعقل بين البديلات أي يعقل حركة اللإنسان يقال عقلت البعير أي منعته عن الحركة فالعقل والتكاليف جاءت لتهذب الغرائز لأن الغرائز لها مهمة ولولا هذه المهمة ما كانت هذه الغرائز وجدت الغريزة الجنسية لحفظ النوع وغريزة الطعام للبقاء وغريزة حب الاستطلاع للاكتشاف والاختراع وليس للتجسس على عورات الناس وغريزة حب المال بدون طغيان فكل غريزة لها مجال مخلوقة له يأتي المنهج الإلهي لكبح هذه الغرائز بالمباح والحلال والحرام عند مطلوبات هذه الغريزة حتى لا تكون غريزة متعدية وكلمة عقل أي عقلك أو منعك عن هذا التصرف ونهى أي نهاك عن ان تتصرف مثل هذا التصرف إذاً كل مادة العقل جاءت لتصنع لجام أو كابح ولكن الناس تريد أن يكون العقل لا قيد عليه عقل متحرر يصنع ما يشاء ولم يفطن الناس إلى معنى كلمة عقل معناه أي الذي يعقل حركة الإنسان لكي تكون منضبطة مع المنهج من الإله الخالق أفعل كذا ولا تفعل كذا و كل ما تقدم الإنسان بالعلم يزيد غرور بعقله و بذاتيته وينفصل عنه ولذلك كل ما تقدمت الأمم في الاختراعات والابتكارات وزادت في النهضة العلمية يزيد إيمانها بقوة سلطان العقل وقبل ذلك لم يكن للعقل دور كبير في هذا الجانب في الماضي حين كان يشح الماء لم يكن للناس سوى اللجوء إلى الله أما الآن فالإنسان المعاصر حين يشح الماء يتجه إلى الأسباب ينظر إلى خزان المياه هل هو ممتليء أم فارغ ويتصل بشركة المياه للسؤال عن اسباب انقطاع الماء فكلما زادت وسائل الترفيه وتقدم الإنسان في العلم كلما نقص الإيمان هكذا طبيعة الإنسان ما لم يعصمه عاصم العصمة فلا يفتن الإنسان بهذه الأسباب وإذا جاءت نعمة له من النعم يذكر أن مصدرها الله عز وجل وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ {15} – النمل وقال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ في قوله تعالى فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ {19} – النمل لم يغتر سيدنا سليمان بأنه وصل إلى ما لم يصل إليه غيره ولا في الخيال فقمة النعم التي اعطاه الله له ليس الملك فقط و ليس فقط عتاد وجند وسلاح بل تسخير الجن وتسخير الريح شيء لم يحصل لأحد من قبله وكذلك قال تعالى وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً {32} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً {33} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً {34}‏ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً {35} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً {36} قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً {37} لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً {38} وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً {39}- الكهف فحين تأتي الظروف للمرء بعلم او مال أو أي خير يجب أن لا يغتر ويرده إلى المصدر الأصيل وهو مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ولكن الإنسان عادتاً يغتر بالنعم ويقول لا أنا اوتيته عن علم قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ {78} – القصص ويعلل اسباب لما اتاه من خير بترتيبات و أحتياطات غرور الإنسان كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى {6} أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى {7} – العلق ولكن حين تزول اسباب الغرور لا يغش الإنسان نفسه وإن غش جميع الناس لا يغش نفسه فلا تستمر اسباب الغرور بزوال اسباب الطغيان فإذا انفضت الأسباب عنه لا يسلم نفسه عبث بل يرجع مرة أخرى لربه وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {12} – يونس قال تعالى وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ {8} – الزمر الأنداد هم الفطنة والعقل والذكاء والحيلة فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ {49} قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ {50} – الزمر طبيعة الإنسان بينه وبين نفسه لا يخجل أن يسئل الله و في الاجتماع ايضاً وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ {53} ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ {54}- النحل وفي موضع أخر يقول تعالى وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً {67}- الإسراء وقال تعالى وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ {33} لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ {34} – الروم الإنسان حين تنفض عنه أسباب الأستغناء لا يسلم نفسه برخص بل يلجأ إلى الله عز وجل وتنبه أن له رب فقول الله كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى {6} أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى {7}– العلق تعطي المقابل فإذا انحلت عنه أسباب الأستغناء عوامل طغيانه تنحل وكل الحضارات التي جعلها الله مثل في القرآن سببها الطغيان أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ {6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ {7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ {8} وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ {9} وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ {10} الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ {11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ {12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ {13} إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ {14} - الفجر وقال تعالى أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {128} وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ {129} وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ {130}– الشعراء ومن الحضارات المزدهرة حضارة سبأ قال تعالى ‏ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ {15} فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ {16} ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ {17}– سبأ لقد قال كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وليس من أسباب بجهدكم ليس بسبب السد سد مأرب الذي يقوم بحجز مياه الأمطار والتحكم بها في الزراعة ولم يكلفهم الله عز وجل إلا بأمرين أثنين أن ينفضوا عنهم أسباب الغرور بحجز المياه عن طريق السد والشكر له ومعنى اعرضوا أي اعرضوا عن الأمرين المكلفين بهما ومعنى ذلك أنهم لم يأكلوا من رزق ربهم ولم يشكروا لله فضله عليهم كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ فعاقبهم الله ليس بالجفاف بل عاقبهم من جنس النعمة وزوال كل الحضارات التي قصها القرآن علينا كان بسبب أنه لم يكن هناك عنصر قيم موصوله بالسماء بل عنصر غرور موصول بذاتية النفس والموصول بذاتية النفس بالمتغيير يتغير مهما يعتقد الإنسان بأنه انفلت من الحق سبحانه و تعالى بادعاءه الأستغناء عنه حين تصيبه الشرور والمضرات التي لا يقوى عليها سوف يرجع إلى الله في الدنيا وإن لم يتم ذلك سيكون الرجوع إليه في النهاية الأخيرة ايضاً و أمر سوف تعود إليه وقد بدأت منه لا مناص من الفرار منه لا يمكن أن نفر منه لأن البداية منه و لا خير في خير بعده النار ولا شر في شر بعده الجنة النتيجة هى الفيصل في الأمور مدة العمر حين تمضي طغيان ماهى النهاية الرجعة إليه لا إلى غيره سواء في الأحداث التي تفوق أسباب البشر أو في الآخرة لأنه حين يكون مجموعة اشخاص في زورق أو سفينة والموج هائج في وسط البحر لا يسئل واحد منهم الآخر ماذا نصنع وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً {67} أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً {68} أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً {69} – الإسراء فالرجعة إلى الله عندما تباغته الأحداث فيدعوا الله لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً في قوله تعالى وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {12} – يونس قال تعالى وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ {8} – الزمر أو هى الرجعة النهائية التي مهما أعطى الإنسان من متع الدنيا فإنه سوف يرجع إليه او لطغيان هو تجاوز الحد والفساد معناه أخراج الصالح عن صلاحه لأن الأمور قد تكون صالحة بذاتها لا يطلب منا أمراً إلا أن لا نعمد إلى الشيء الصالح فنفسده والمطلوب منا إما أن نرقي الصالح فيزداد صلاح أو على أقل تقدير أن نتركه على حاله فهناك مقادير للأشياء حق لك وحق للغير لا يمكن أن يوجد مستعلي إلا إذا وجد مستعلي عليه فإذا وجد شخص قوي وشخص ضعيف المطلوب أن يكون هناك منهج إيماني أي استطراق من قوة القوي لضعف الشخص الأخر ومن غنى الغني للفقير ومن علم المتعلم للجاهل فيأخذ المحروم من الرزق ما نعطيه من هذا الرزق هذا هو الاستطراق الإيماني أما العكس في الأستطراق العكسي هو أن يوجد قوي و يوجد ضعيف ويريد القوي أن يأخذ حركة الضعيف لصالحه والغني يستغل الفقير ليزداد غنى ويزداد الفقير حرمان وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ {71} – النحل الطغيان ليس أن يترك الغني أو القوي الضعيف أو المحروم على حاله بل يقوم بأخذ حركته لصالحة مستغلاً ضعفه ولم يتركه على حاله على وهذا لون من الفساد المركب لأن ترك الضعيف على حاله ظلم فما يكون الوضع لو أراد القوي أن يأخذ من ضعفه ليزيد طاقة قوته هذا ظلم أكبر ظلم مركب ساعة أن يكون الحال في حضارة من الحضارات ينطبق عليها قوله تعالى الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ {11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ {12}– الفجر لابد أن تتدخل السماء فالسماء لا تتدخل إذا كان في الإنسان رادع من تصرفاته السيئة إن كانت نفسه لوامة يصنع السيئات ثم تأنيبه نفسه فيقول لن اصنع ذلك مرة أخرى فتكون طاقته الرادعة ذاتية أو يبقى في المجتمع من يقوم النفس الأمارة بالسوء فإن لم توجد النفس اللوامة الردع الداخلي ولا يوجد الردع الخارجي هنا يجب أن تتدخل السماء إذاً السماء لا تتدخل إلا حينما لا يوجد الردع الذاتي ولا الردع الاجتماعي وهو اخر وسيلة للردع عند البشر يقول الحق سبحانه وتعالى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ومعنى ذلك أن من يعتقد أنه أخذ خلق الله وكون الله وتصرف فيه هذا التصرف فكل ما يجعله الله تحت تصرفكم وتحت طوعكم وإرادتكم أن لا يظن أحد أنه انفلت من يد الله و الله يرصد ويراقب وبالمرصاد يعني يرصد تحركاتكم فإذا أي حركة تخالف منهج الله هى حركة محاط بها ومقدرة إن شاء عجل عذابه في الدنيا وإن شاء أدخر عذابه في الآخرة ثم يتكلم الحق سبحانه وتعالى عن خطأ معايير الناس في استقبال اوامر الحق في الخلق فالناس يأخذون المقاييس عكس مبتغى الله والله يعدل لهم هذه المقاييس لكي تسير حركتهم على هدى والذي يجعل حركتهم مختلة بأن المقاييس التي يرد اليها الناس حركتهم في تقيميها أو تقديرها هى مقاييس خاطئة فيقول الله فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ {15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ {16} – الفجر اتى الله بصورتين من صور الحياة صورة الإنسان الذي وسع عليه الله في رزقه وصورة للإنسان الذي مضيق عليه في رزقه فيأتي الإنسان الذي وسع عليه ربه في رزقه يعتقد أن ذلك أكرام من الله له والذي ضيق عليه يعتقد أن هذا التضييق اهانة من الله عليه إن من يفعل ذلك في هذه المقاييس خلط بين شيئين خلط بين الامتحان وبين النتيجة فالامتحان شيء ونتيجة الامتحان شيء اخر اتاء المال امتحان والتقتير من الله بالمال امتحان ايضاً النتيجة الاكرامية تتأتى على تصرف الشخص في هذا الامتحان هل سوف ينجح في هذا الامتحان أم لا ليس أتاء المال نفسه اكرام أوا التقليل منه اهانة ولذلك اشرك الله عز وجل بين الأمرين بالابتلاء بقوله إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وبقوله وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فالصورتان الظاهرتان صنع منها المرء نتيجة نجاح والصحيح أنها فقط امتحان والنجاح يأتي بعد ذلك فكيف يظن من أُتي المال انه اكرام له إنما هو ابتلاء ومن يظن أن منع المال عنه اهانة فإن كان من اخذ المال لم يوفق في مصرفه وينطبق عليهما قاله الحق سبحانه وتعالى سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ في قوله تعالى وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {180} – آل عمران حيث يكون هذا المال وبال عليهم ويتحقق فيهم في الآخرة قوله تعالى يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ {35} – التوبة وعدم وجود المال مع الذي قدر عليه رزقه يكون له مع الله عذر في الوجود لأنه كان من الممكن لو كان معه المال أن يفشل في الامتحان بوجود المال معه ولو فشل في ذلك فإن الحرمان من المال في الدنيا إذا تأتى معه الطغيان يكون رحمة فكثير من الاغنياء لم يوفقوا في استنباط اموالهم ولا استغلال اموالهم ولا في مصرف اموالهم فحين نتأكد من هذه القضية يظهر لنا أن اتاء المال ليس اكرام من الله ومنع المال ليس اهانة من الله وكلا الأمرين ابتلاء واختبار لذا عدل الله مقاييس البشر في مسألة المال بسطاً وقبضاً فمن شكر نعمة الله في ابتلاءه نجح في الامتحان فأتاء المال ليس هو النجاح ولكن التوفيق في إدارة هذا المال والاستخلاف فيه هو النجاح والذي سُلب المال ليس اهانة له هذا الأمر لأن الله خلصه من شيء يكون محاسب بسببه يوم القيامة إن لم يحسن القيام به وإن قصر فيه وليحترم عطاء الله في خلقه فحين يقارن إنسان بإنسان لا تأتي إلا زاوية الغنى ولا ينظر المرء إلى إي زاوية من زوايا الكمال في أي نفع مثل الصحة و الاخلاق الحميدة والسعادة والرضى بين الأهل الزوجة والأولاد ويهمل ذلك ولا يذكر إلا المال !!!!

» لوحة المفاتيح الإنسانية