عجيبة هي الأقدار !!

[rtl] [/rtl]

[rtl]همُ رَحلوا يومَ الخميسِ عَشِيَّةً [/rtl]

[rtl]فَودَّعتُهم لمَّا استقلُّوا وودَّعوا
فلمّا تولَّوا ولَّتِ النّفسُ مَعْهُمُ[/rtl]

[rtl]فقلتُ: ارجعي ! قالتْ: إلى أيْنَ أرجعُ؟![/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]عجيبةٌ هي الأقدارُ!![/rtl]

[rtl] كم تسري سفينةُ حياتنا في بحارها إلى حيث لا ندري![/rtl]

[rtl]وكم نتوقَّع أن نضحك فيها فإذا بنا نبكي![/rtl]

[rtl]وكم من يومٍ كنَّا نتوقع أن نبكيَ فيه فإذا بالبسمة ترتسِم على شفاهنا,[/rtl]

[rtl]ونشوةِ الفرح تغمرُ أرواحَنا![/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]الأقدارُ, وما أدراك - أيّها القارئُ الكريمُ - ما الأقدارُ؟![/rtl]

[rtl]سرورٌ عند قوم, وحزنٌ عند آخرين, حياةٌ عند قوم, وموتٌ عند آخرين,[/rtl]

[rtl]قاءٌ وبؤسٌ عند أناس, ونعيمٌ وحبورٌ عند آخرين,[/rtl]

[rtl]نجاحٌ عند قومٍ, وفشلٌ عند آخرين.[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]عجيبةٌ هي الأقدارُ، تحمل ولا ندْري ماذا تلد, وكما قالوا:[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]إِنَّ اللَّيَالِيَ وَالأَيَّامَ حَامِلَةٌ [/rtl]

[rtl]وَلَيْسَ يَعْلَمُ غَيْرُ اللَّهِ مَا تَلِدُ [/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]الأقدار تزرع ولا ندري متى سنحصد؟ وتَمشي بنا على درب الحياة,[/rtl]

[rtl]ولا ندري إذا كنَّا سنصل إلى نهاية الطريق, أم أنَّ السبلَ ستتفرَّق بنا؟[/rtl]

[rtl]وبالأقدار ننتظر مسافرًا, ولعلَّه لن يعود![/rtl]

[rtl]ويأْتينا غائبٌ ما كنَّا نرتَجي أن يعود, بل كنَّا نظنُّ أنه ملقًى[/rtl]

[rtl] في سجن المجهول![/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]من عجائب الأقْدار أنَّها خزائنُ الأعمار,[/rtl]

[rtl] وأنَّها لا تصل إليْنا إلاَّ بتعاقُب اللَّيل والنَّهار، فتُعِزُّ ذليلاً وتُذلُّ عزيزًا,[/rtl]

[rtl]وتُغني فقيرًا وتُفقِرُ غنيًّا, وتشْفي مريضًا وتُمرض صحيحًا,[/rtl]

[rtl]وتأْخذ من بيننا حبيبًا وتخلف لنا حسودًا, تأخذ مخلصًا وتُبقي خائنًا,[/rtl]

[rtl]تخطَف من بيننا عالمًا وتترك لنا من بعدِه رؤوسًا جُهَّالاً يُفتون بغير علم،[/rtl]

[rtl]فيَضِلُّون ويُضِلُّون.[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]عجيبة هي الأقدارُ! ننسج آمالاً بخيوط الأماني, فتنقضُ الأقدار ما غزلْناه,[/rtl]

[rtl]وتُمزِّق ما نسجْناه، كم بدَّدتِ الأقدارُ أحلامَنا وآمالنا, فتلاشت وانتثرت,[/rtl]

[rtl] ولم نستطع جمعَهَا في عِقد الحياةِ من جديدٍ![/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]الأقدارُ هي التي تأخذ من بيْننا طفلاً بريئًا كان يخطّط لمستقبلٍ ملؤُهُ السعادةُ,[/rtl]

[rtl]يومُهُ شهد, وليله هناء مصفَّى, والأقدار هي التي تواري وجهَ أمٍّ رؤوم[/rtl]

[rtl]عن أولادِها خلف حجاب الثّرى ولكن إلى حين,[/rtl]

[rtl]فهل ستجمع شملَهم من جديدٍ؟[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]عجيبة هي الأقدار! نرى شخصًا في المسجد خاشعًا ضارعًا متبتِّلاً,[/rtl]

[rtl]وبالأمس كان في عداد الأشْقِياء الَّذين يَعيشون حياتَهم بلا هدف,[/rtl]

[rtl]وتَمضي بهم مطايا أيَّامهم في لهوٍ وعبَثٍ ولا مبالاةٍ.[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]في حين نرى عابدًا كان مُلازمًا لِلمسجد, فإذا به قد جُرِفَ بسيْل المعاصي,[/rtl]

[rtl]وغرِق في بحارِ الآثام.[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]الأقدار شمسٌ تُشرق, ولا تدْري هل سترْنو إلى غيابها أم لا؟[/rtl]

[rtl]وبدر يُنير ولا تدْري أتُسامره وتساهرُهُ من جديدٍ أم لا؟ وشجرة تزهر,[/rtl]

[rtl]وقد لا ترى ثمارَها, وسحابةٌ تُمطر وقد لا يبلُّلُك طلُّها,[/rtl]

[rtl]بل قد تسقي تلك السحابةُ ثرى قبرِك بالماء والثَّلج والبرَد,[/rtl]

[rtl]ويَبكي عليك الأبَوان والأخُ والولدُ.[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]الأقدار هي التي تُخبِّئ للفتاة زوجًا ينغّص عليها عيشها وحياتَها,[/rtl]

[rtl]ويسقيها من لُجَجِ العذابِ غُصصًا في كؤوس من العلقمِ المرير،[/rtl]

[rtl]وهي الَّتي تحمل للفتاة زوجًا وفيًّا محبًّا مخلصًا,[/rtl]

[rtl] يصوغ لها من أيَّامها عِقْدًا لؤْلؤيًّا في سِمط السَّعادة, وياسمين السّرور,[/rtl]

[rtl]ويجعل من سنوات حياتِها جنانَ نعيم وارفةَ الظَّلال.[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]والأقْدار هي التي تُخبِّئُ بين حناياها أمًّا ستغْدو ثكلى,[/rtl]

[rtl]وطفلاً سيرْتوي حتَّى التضلُّعِ من أقْداح اليُتْم والبؤس،[/rtl]

[rtl]ورجُلاً سيتنقَّل من مأساة لتتلقَّفَهُ مأساةٌ أخرى،[/rtl]

[rtl]والأقْدار تحمل في طيَّاتها ضاحكًا سيبكي دماءً حرَّى,[/rtl]

[rtl]ودموعًا سيَّاحةً من سحابة البلابل والدَّواهي التي تتحفَّز إليه،[/rtl]

[rtl]وباكيًا سيرفُل في أثْواب البسمة, وينتشي قلبُه وتطرب روحُه.[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]عجيبةٌ هي الأقدار في جمعها بين المتناقضات مع أنَّ الزَّمنَ واحدٌ,[/rtl]

[rtl]والمكانَ واحد, وحامل الأقدار ما هو إلاَّ شخصٌ واحدٌ ![/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl]وختامًا: عجيبةٌ هي الأقدار,[/rtl]

[rtl]والأعْجب منها أنَّ المؤمنَ قد روَّضَ نفسَه عليها؛ فمع المصيبة وِرْده وذكره:[/rtl]

[rtl] [/rtl]

[rtl] { إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }[/rtl]

[rtl]ومع الفرحة يلهج لسانه بـ "الحمد لله ربّ العالمين",[/rtl]

[rtl]وفي كلِّ أحيانه يردِّد:[/rtl]

[rtl]قدَّر الله, وما شاء فعل.[/rtl]

[rtl]منقول[/rtl]

[rtl] [/rtl]

» قصيدة عجيبة جدا