تفسير سورة قريش من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله

سياق السورة يدل على ترتب العلة على المعلول والسبب على المسبب وفي تاريخ النزول نزلت سورة قريش بعد سورة الفيل بتسع سور فالنسق النزولي غير النسق الترتيبي في المصحف النسق النزولي يقتضي أن الأحداث التي وقعت تتطلب نزول القرآن والنسق الترتيب النهائي هو النسق الذي كان عليه القرآن في أم الكتاب ليس من الضروري أن تنزل السورة بعد السورة لتكون مترترتبة عليها وقد تنزل السورة بعد السورة بمراحل ولكن وضعها في القرآن يأتي بها في هذا الجانب لأن القرآن كلام الله القديم وفرق بين التصميم النهائي الذي يوجد عليه القرآن ونزول القرآن كان يأتي حسب المقتضيات وحسب الأحداث التي تتطلبها الدعوة ولكن القرآن في اللوح المحفوظ مرتب بالترتيب الذي جعله الله عليه فإذا ما جاءت حادثة وأحتاجت نزول آية نزلت الآية لكن وضعها في السياق القرآني له ترتيب ولذلك قلنا يوجد هناك ترتيب نزول حسب الأحداث وحسب المتطلبات التي تتطلبها الدعوة وله ترتيب نهائي هو ما هو عليه القرآن في أم الكتاب مثلا الذي يريد أن يصمم منزل له التصمييم في ذهنه مرتب للبيت بجميع مرافقه و أثاثه غرف النوم وغرفة الجلوس وهكذا ولكن مجيء المطلوبات ليس بالضرورة أن يكون مرتب ومجيء الشيء وسبب مجيئة غير تصميميه في الصورة النهائية فالقرآن على هذا الوضع موجود بالتصميم النهائي الذي كان عليه في اللوح المحفوظ أما نزوله فنزل منجماً حسب الحوادث وفي القرآن وضعت سورة قريش بعد سورة الفيل ساعة وفي سورة قريش نرى جاراً ومجروراً لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ {2} فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {4}‏ - قريش لام و إيلاف ما معنى ذلك مستهلة السورة بلام التعليل ما الذي حصل لهذه العلة أي صنعت كذا لكذا فالتعليل منفصل عن المعلل والترتيب الذي عليه المصحف النهائي في سورة الفيل نجد أن الله فعل ما فعل في قوله تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ {1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ {2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ {3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ {4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ {5}- الفيل لماذا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1}- قريش لأن الحق سبحانه وتعالى لو ترك بيته لما كان يريده أبرهة الحبشي من هدمه لسقطت مهابة قريش في الجزيرة العربية و الذي جعل لقريش مهابة هو البيت لأن العرب يحجون إليه من جميع أنحاء الجزيرة ولابد أن تأتي قبائل العرب إلى قريش لتحج البيت ولا يمكن أن تتعرض تلك القبائل لقوافل قريش التجارية لا شمالاً وهى ذاهبة إلى الشام ولا جنوباً وهى ذاهبة إلى اليمن لأنه سوف يأتي يوم تأتي أي قبيلة من القبائل إلى قريش في بطن مكة إذاً وجود قريش بجوار البيت هو الذي جعل لهم هذه المهابة في الجزيرة وحين تسقط مهابة قريش تبعاً لما كان يريد أن يفعله إبرهة بهدم البيت ماذا يحدث هم في وادٍ غير ذي زرع وكل أعمالهم قائمة على التجارة في رحلة الشتاء والصيف فإن القبائل العربية شمالاً وجنوباً تجترأ عليهم كما تجترأ على غيرها من القبائل بمصادرة تجارتها ويكون موقف قريش أنهم يجوعون ويرتعبون من القبائل المتفرقة ففعل الله ما فعل بأصحاب الفيل كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ {5}- الفيل لماذا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ {2} – قريش ولكن هل رد الله أبرهة عن الكعبة لهذه المسألة فقط لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1}- قريش اللام في لِإِيلَافِ تسمى لام العاقبة نجاة البيت من الهدم ورد أبرهة وجيشه مدحورين مخذولين من البيت لم ينالوا منه شيئاً كان من نتيجته أن تظل لقريش مهابتها فيطمئنون على رزقهم وعلى أمنهم فلا يهددهم أحداً بخوف ولكن الحق سبحانه وتعالى لم يصنع ذلك لهم وإنما صنع ذلك حماية لبيته فعندما قام الله بحماية بيته تبع ذلك أن تألف قريش رحلة الشتاء والصيف لذا قال فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} – قريش لأن قريش مدينون بحفظ البيت الذي حافظ على مقوماتهم النفسية للأمانهم من الخوف ومقوماتهم الأقتصادية الذي جعلهم لا يجعون وهذا الذي جعلهم يألفون رحلة الشتاء والصيف وبسبب هاتين الرحلتين يأمنون على نفسهم من جوع ويأمنون على نفسهم من خوف الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {4}‏ - قريش ولو هدم البيت لزالة هذه المهابة وزالت هذه القداسة بين العرب التي كانت قريش ولزال موردهم الأقتصادي الذي يعتاشون منه وطالما أن الله أسبغ عليهم هذه النعمة كان يجب أن يقابلوا ذلك الجميل بأن يعبدوا رب هذا البيت إذا قوله تعالى لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1}- قريش يصح أن تكون متعلقة بقوله فعل ما فعل بأصحاب الفيل فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ {5}- الفيل و تأتي لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1}- قريش في سياق أخر السورة فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {4}‏ - قريش إذاً لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1}- قريش بين أمرين بين أمر هو الدافع الأصيل وكانت تلك عاقبته وبين مطلوب من الله وما دامت قريش قد ألفت رحلة الشتاء والصيف وقد أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ فلا أقل من أن يقدموا الشكر على هاتين النعمتين والشكر بماذا يكون ؟ يكون بأن يعبدوا رب هذا البيت فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} – قريش وإذا نظرنا إلى القضيتين الرئيسيتين أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ نجد أنهما ضرورتين من ضرورات الحياة للأنسان توفير القوت له ثم بعد ذلك يطمئن أنه ليس هناك ما يخيفه ومنشأ الخوف يكون من مصدره وهذا المصدر أما أن يكون بزوال نعمة عن الأنسان أو أن تأتي مصيبة متوقعة فالحق سبحانه وتعالى حين يضمن للأنسان بأن يطعمه من جوع ويأمنه من خوف ذلك يحقق ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسره إذا حظ الأنسان وسعادته في شيئين اثنين أن يطعم من جوع ويأمن من خوف والجذور البعيدة لهذين الأمرين هي دعوة إبراهيم في الخوف رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وفي جانب الأطعام من جوع وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ في قوله تعالى وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {126}‏ – البقرة فإذا رتب الحق سبحانه وتعالى الطلب بالعبادة على ما صنعه بهم لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ {2}- قريش يكون هذا ترتيب طبيعي لأن المهمة الأساسية التي ساقهم بهم إلى هذا المكان ليقيموا الصلاة هى قوله تعالى رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ {37} – إبراهيم إذاً حين أجاب الله الدعوة لسيدنا إبراهيم بأن يكون البلاد أمناً ويرزقهم من الثمرات اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ وحقق الله لهم ذلك بان أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ يجب أن يؤدوا المطلوب منهم ما هو ؟ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} – قريش لأن هذا هو الأمر الأساسي الذي جعل سيدنا إبراهيم يأتي بذريته إلى هذا المكان ليؤدوا الصلاة عند بيت ربه فقوله فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} – قريش تفسر لنا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ و ماهى العبادة ؟ العبادة تطلق على معاني متعددة وكل سياق يتطلب معنى العبادة تطلق ويراد بها معرفة الحق ومن عرف الحق وفاءً لحق المعرفة يجب أن يطيعه ويجب أن تخضع له لأن معرفة الحق أن تعرفه إلهاً قادراً أن تعرفه حكيماً ..الخ وطالما عرفنا فإله هذه الصفات صفاته يجب أن ننقاد له هناك الذي الذي يفسر العبادة بالمعرفة لأن المعرفة هى الوسيلة لقبول التكليف من الله لخلقه بعض العلماء يرى أن العبادة هى الخضوع إلا أن هناك أناس عارفين ربهم ولكن ليس هناك خضوع وهناك أناس عارفين ربهم وخاضعين له إلا أن منهجهم متكاسلين عنه وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} – الذاريات بعض المفسرين يقولون أن تفسيرها إلا ليعرفون لماذا فسرت إلا ليعفرون هل الخلق للمعرفة فقط وإلا تأخر مراد الله لو قلنا إلا ليعبدون بالخضوع وأتباع المنهج هناك قوم لم يخضعوا ولم يتبعوا منهج الله إذاً تخلف مراد الله فيهم إذا رأينا آية من الآيات يجب أن نأتي بنظائرها من القرآن قوله وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} – الذاريات لم تأتي هكذا وإنما جاءت العبادة مع أوامر أخرى قال تعالى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {5} – البينة فكأن يعبدون معناها يطيعون ويخضعون والخضوع والطاعة لا تكون إلا بوجود منهج لو كان بمجرد الخلق تكون العبادة ما أحتجنا إلى رسول ولا موجه بل كان بمجرد الخلق تحصل العبادة ولا يحصل ذلك إلا إذا جاء رسول مبلغ عن الله عز وجل إذاً وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} – الذاريات معناها إلا لأكلفهم بعبادتي بواسطة أوامر فمنهم من يطيع ومنهم من يعصي إذا نظرنا إلى العبادة في قوله تعالى فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} – قريش السبب الذي جاء به إبراهيم بذريته ليقيموا الصلاة فكأن الصلاة هى المحور الأساسي في العبادة والعبادة لها معنى واسع ومعنى متوسط ومعنى قليل معنى قليل هى المعرفة ومعنى متوسط هى الشعائر الشعائر التي تقرب الأنسان من ربه كالصلاة والصيام كالزكاة كالحج فتبين منهج الحياة الأخرى وسماها الفقهاء معاملات فإن أطعنا الله في معاملاتنا على وفق منهج الله آلا نكون عابدين لله وهذا أسمه تقسيم فني تأليفي أنها قسمت عبادات ومعاملات وقصدوا بالعبادات الأمور التي شرعها الله لتقرب العبد إليه وقصد بالمعاملات ما ينظم أحوال هذ المجتمع ولكن إذا نظرنا إلى الحقيقة وجدنا كل شيء سواء كان عبادات بهذا المعنى أو تنظيم علاقة المجتمع بعضه ببعض في نظام الأسرة و في نظام الحكم و في نظام الأقتصاد و في نظام الأخلاق كل هذا من العبادات بمعناها العام الواسع فإذا كانت العبادة هنا ليقيموا الصلاة هى معناها فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} – قريش لأن الصلاة لو نظرنا فيها لوجدنا العبادات بالمعنى الفقهي وهو الخضوع لمنهج الله دون منهج البشر و المعاملات أيضاً لأن منهج الله أقسام فهى أمور فرضها الله ولا أبتكار لأحد فيها كالصلاة فلا نتقرب لله بشيء أزيد منها لأن الله هو الذي شرعها أما المعاملات فيترك الله للذهن البشري نشاطه ثم بعد ذلك يقنن لكل أمر على حدود مستوى البيئة ومستوى العصر ومستوى المجتمع في إطار الأصول العامة والفرق بين العبادة الفقهية والمعاملات الفقهية هى أن العبادة ما لا يضعه بشر لبشر الكفار لهم قانون يضعونه في تعاملاتهم وفي نفوسهم وفي مجتمعاتهم وأسرتهم وحكمهم وأقتصادهم الكافر له مثل هذا النظام لأن هذا الأمر ضروري ولكن العبادة لا توجد إلا في منهج الدين فلا يمكن أن يقول بشر لبشر قم بالصلاة لي عدة ركعات أو قم بالصيام فترة شهراً من الزمن والصلاة أخذت محلها الأساسي في العبادة سواء كانت عبادة أو معاملة كيف ذلك ؟ لأن المعاملة في الأسلام فرض لها علاقة بمجتمع قريب وهى الأسرة ومجتمع بعيد وهى الأمة هذه العلاقات لابد أن يقوم عليها والي أوإمام لرفع الظلم عن المظلوم وتنفيذ الأحكام وتنفيذ الحدود وإذا نظرنا إلى الصلاة نجد أنها تأخذ بنود الشعائر التعبدية وتأخذ أرقى بند من البنود الولاية في الحكم كيف يكون ذلك ؟ الصلاة عماد الدين وطريقة التكليف بها أختلفت عن بقية التكليفات الأخرى كل تكليف من التكليفات صدر بواسطة وحي إلا الصلاة صدرت مباشرتاً من الله عز و جل ولبيان أهمية الصلاة نضرب مثلاً بأن الرئيس إن كلف المرؤوس بأمر يكون كتابي وإن كان أكثر أهمية يكون هاتفياً وإن كان أمر بالغ الأهمية يكون باللقاء المباشر أو بالتكليف المباشر فيكون غاية في الأهمية وكذلك فرض الصلاة كانت بتكليف مباشر من الحق سبحانه وتعالى وفرضت الصلاة أيضاً في الوقت الذي كان فيه محمد صلى الله عليه وسلم في دعوة ربه وبذلك يكون ظفر حين نزوله بتحية من الحق سبحانه وتعالى لهذه الأمة وقربت هذه التحية أمة محمد من الله كما قربت محمد صلى الله عليه وسلم إلى الله فكما أقترب محمد صلى الله عليه وسلم بالأسراء من ربه كل واحد من أمة محمد يقترب بالسجود كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ {19} – العلق الإسلام يقوم على خمس أركان بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله و إقام الصلاة , وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان متفق عليه فالصلاة أخذت وضع متميز عن بقية الأحكام وإذا نظرنا إلى تكاليف الأسلام وهى أركان الأسلام وهى شعائر السلام لوجدناها مثمثلة أكثرشيء في الصلاة لماذا ؟ لأن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله تطلب من المؤمن أن يقولها مرة واحدة في حياته يكيفه مرة واحدة في عمره أن يقولها ليس بالضرورة تكرارها منه وهذا الركن الأول يتكرر بتردده في الصلاة بعدد تكرار الصلاة والصلاة فيها الركن الأول وهى الركن الثاني فهى تحقق ذاتها والزكاة موضوعها فضل من المال أو نصاب نخرج منه قدر من المال ونعطيه للفقراء والمال الذي أتى منه النصاب هذا فرع العمل فالزكاة أخراج قدر من المال وهى فرع العمل والعمل فرعه وجود الوقت وفي الصلاة لا نضحي بالمال بل نضحي بالأصل الأصيل الذي به يأتي المال وهو الوقت نكون في عمل ثم نضحي بنصف ساعة لصلاة الظهر أو صلاة العصر فالزكاة نضحي بثمرة العمل وهو المال و الصلاة هنا لا تجعلنا نضحي بثمرة العمل وهو المال ولا بالعمل بل بالوقت الأصيل الذي يحدث فيه العمل فالصلاة فيها زكاة من نوع أبلغ لأن العمل يكسب منه الشخص ثم يزكي بجزء منه أما الصلاة فنضحي بالوقت كله وكذلك الصلاة فيها صيام لأن الصيام أمتناع عن شهوة البطن والفرج وفي الصلاة كذلك يمتنع عن شهوة البطن والفرج وزيادة وممتنع عن مباحات الصيام أيضاً المشي والحركة والضحك والكلام ففي الصلاة أمساك عن ممسكات الصيام وازيد عن ذلك وفي الصلاة أيضاً حج دائم لأنه كلما شرعنا بالصلاة نستحضر بيت الله الكعبة بقلبنا فالصلاة أخذت ذلك المدلول لأنه منطوي فيها كل أركان الأسلام وعندما يؤذن المؤذن الصالحون أو المتقبلون لمنهج ربهم يهرعون للصلاة وإلى نداء ربهم ويتركون كل غاياتهم وحين يهرعون إلى بيت ربهم تذوب الفوارق فنجد الرئيس الأعلى بجانب البواب والفراش والمكان لمن سبق إذا ينفضون كبريائهم وغرورهم والطبقية التي فيهم وأستوا أمام ربهم في العبودية وحين يتكرر ذلك من الأنسان يخفف هوة التعالي بين الطبقات لأن الناس تكره الفقر لأنها لا ترى الفقير يحترم فإذا ما أحترم الفقير وأخذ حقه من الواجب وتحقق مبدأ المساوة مع من هو أعلى منه في الصلاة سواء كان رئيس أو أستاذ وأصبح الجميع في عبودية وخضوع لله في الصلاة فيحصل الأطمئنان في المجتمع لشيوع مبدأ المساوة إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ في قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {13} – الحجرات فيكون المجتمع مجتمع سليم و مجتمع منسجم ليس فيه تعالي ولاغرور ولا كبرياء ومن يتقدم في الصلاة ليصلي بالناس هو ليس مطلق واحد بل شخص يجب أن تتوفر فيه شروط أولاً يجب أن يكون مرضي من المصلين عن أنس بن مالك قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة رجل أم قوما وهم له كارهون ثم جعل للأمامة مقاييس وهى أن يكون أحفظهم للقرآن فإذا أستوا في ذلك يكون أفقههم لسنة رسول الله صلى الله علية وسلم فإن أستوا يكون أسبقهم للأسلام ثم بعد ذلك يكون للأمام السلطة بأصدار الأمر بتسوية الصفوف عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة. فيكون الأتباع من المأمومين للأمام والطاعة له ملزمة وقال النبي صلى الله عليه وسلم ليلني منكم أولو الأحلام والنهى المعنى يقتضي أن يتقدم الرجال، لأن الرجال أضبط فيما لو حصل للإمام سهو أو خطأ في آية، أو احتاج إلى أن يستخلف إذا طرأ عليه عذر وخرج من الصلاة وهذا حكم بأن لا يقرب الأمام إلا أصحاب الأحلام والنهى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلاتَيِ الْعِشِيِّ , قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : أَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهَا الظُّهْرُ , فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ ، فَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ ، فَقَالُوا : قَصُرَتِ الصَّلاةُ ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ ذَا الْيَدَيْنِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ أَمْ نَسِيتَ ؟ قَالَ : " مَا نَسِيتُ وَلا قَصُرَتْ " ! قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ ؟ " , قَالُوا : نَعَمْ . فَصَلَّى مَا بَقِيَ مِنْ صَلاتِهِ ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِلسَّهْوِ فالأمام كل حركاته متبوعة ولا يقدم واحد من المصلين بين ديه في أمر من الأمور إلا أن أولي الأحلام و أولي النهى إذا أنحرف الأمام عن منهج من منهج الله تمتنع الطاعة وينبهوه إلى أي خطأ يحدث منه والحق سبحانه وتعالى حين يأمر بالطاعة مرة يقول وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ {92}– المائدة ومرة يقول أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ في قوله تعالى قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {32} – آل عمران أمر واحد ويعطف عليه بدون تكرار الفعل ومرة يقول وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ في قوله تعالى وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {56} – النور وكذلك قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59} – النساء لم يقل واطيعوا ولي الأمر منكم لأن ولي الأمر لا طاعة له في ذاته ولكن طاعته من باطن طاعة الله وطاعة الرسول فإن خرج عن طاعة الله وطاعة الرسول في أمر ما فلا طاعة له لأنه لو قال واطيعوا أولي الأمر منكم كان قد أعطى له طاعة ذاتية بل طاعته في نطاق الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والصلاة تعطي مفهوم الأمامة العامة والتي بها صلاح المجتمع كله إن كانت الأمامة صالحة وتنفذ منهج الله وكل خليفة من الخلفاء الراشدين كان يقول أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم فكأن الصلاة بما فيها من أتباع الأمام وعدم مخالفة حركاته في الصلاة لا تعني أنه متبوع في كل شيء بل متبوع في دائرة نظام ومن يشذ عن هذا النظام ينبه إليه الأمام و مما أوجب على الأمام في الأمامة العامة أن يكون معه ممن يليه أولي الأحلام وأولي النهى من بطانته لأن المسألة مسألة موازنة بين ان نرضي حاكماً وأن نرضي رباً لأن الذي يستطيع المقارنة هم أولي الأحلام والنهى وهم أصحاب العقول القادرين على الترجيح بين أمر الله أو أمر الوالي وأصحاب العقول المؤمنين يعلمون أن الوالي لا يملك من أمرهم شيئاً ولا يجاملوه على حساب من يملك أمورهم في كل شيء لذا اجعل مراقبتك لمن لا تخلو عن نظره إليك، واجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمه عنك واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه، واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن مُلكه وسلطانه إذاً الصلاة بمثل هذه المعاني فيها جماع كل التكاليف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة ومعنى قوله في الحديث ( فأولهن نقضا الحكم) معناه ظاهر وهو عدم الحكم بشرع الله وهذا هو الواقع اليوم في غالب الدول المنتسبة للإسلام . و معلوم أن الواجب على الجميع هو الحكم بشريعة الله في كل شيء والحذر من الحكم بالقوانين والأعراف المخالفة للشرع المطهر وأخر ما يبقى من سمات الأسلام الصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم و جعلت قرة عيني في الصلاة وكان يدعو بلالا لإقامة الصلاة كلما حزبه أمر ومعنى كلما حزبه امر ضغطت عليه الظروف فوق أسبابه فيذهب إلى ربه الذي ليس هناك أمر يعجز عنه فالصلاة تعتبر مفزع لذي الحاجة وصاحب الهم لينسى همه ويأنس بربه فمن يفزع إلى الخمر لينسى همه هى حقيقتاً لا تفعل ذلك لأن نسيان الهم بشرب الخمر لا يعني القضاء عليه وستر العقل بالخمر يبقي الهم كما هو والله جعل لنا العقل لنواجه به الأحداث بطاقة عقلية لا بأن نذهب ما لدينا من عقل بشرب الخمر و الخمر لا تذهب الحزن الناجم عن الهموم ولكن عندما الجأ إلى ربي اكون قد عرفت الصحيح لمن الجأ وبمن أستغيث والحق سبحانه وتعالى هو الخالق والعبد مخلوق له فالله صانع ونحن صنعته وهل صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم هل يوجد بها خلل نحن لا نعرف ماذا يصنع الله بنا حين نكون في حضرته ولكن نلاحظ أنه لو كان لدينا هموم الدنيا ثم نذهب للقاء ربنا بحق الصلاة نشعر بأرتياح لأن الخالق هو الذي يعلم مفاتيح خلقه بأن يجعل لدينا رضى وأطمئنان وتوازن فنستقبل أي حدث من أحداث الحياة ولدينا رصيد من الأيمان بربنا والطبيب يزيل ألم عضو مادي من أنسان وهو والطبيب يزيل الألم المادي بشيء مادي ولكن الحق سبحانه وتعالى غيب ويزيل الأشياء بغيب والصلاة يوجد بها ميزة لا توجد في أي شعيرة اخرى الميزة التي تجعل من المؤمن مفتاح لقاءه بربه في يده في عهدنا بالملوك والعظماء حتى الوقت الحاضر لو أن ملك أو رئيس دولة طلب مواطن أن يقابله ينظر في طلبه ذلك وقد يوافق عليه وقد لا يوافق و لا يلبى طلبه ذلك إلا بشق الأنفس ولو تم له ذلك يكون لذلك اللقاء أشتراطات عديدة كتحديد موضوع الكلام و زمان ومكان اللقاء ولكن الحق ربنا الأعلى حين يدعونا أن نأتيه لنا أن نحدد نحن الزمان والمكان ونحدد موضوع المنجاة العبودية التي نقدمها بين يد الله إيماناً به وخضوعاً له نقلت لنا هذه السيادة فهى عبودية أعطت لنا سيادة لذا قال الشاعر : حسب نفسي عزا بأني عبد يحتفي بي بلا مواعيد رب هو فـي قدســه الأعـــز ولكــن أنا ألقي متى وأين أحب الأيمان بالله عز وجل والدخول في مقام العبودية له يجعل مفتاح اللقاء معه بيدنا في أي زمان وأي مكان وبأي موضوع لا يملنا الله ولا ينهي لقاءه معنا ويأنس به عباده في الأرض جميعاً ولا يشغله أنس عبد عن أنس عبد أخر يعطي الكل أقبالاً وعطاء وإيناس فنعم الرب هو فعبوديتنا له تعطينا السيادة فالعبد مع الله سيد مع غيره لذا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " ، فذكر الله في أنفسنا فرع عن ذكر الله لنا في نفسه فالمفتاح يكون مع العبد فبمجرد أن نهم بالأتيان إلى الله عز وجل يأتينا هذه ليست بعبودية هذه منتهى السيادة ومن العجيب في الناس انهم لا يتعاملون مع الله عز وجل في عبوديتهم له كما يتعاملون مع الحياة في هزلها ولعبها فمثلاً في مبارة كرة القدم يحرص الناس على الحضور في الوقت المحدد للمبارة ومنهم لا يحرص على الحضور في موعد الصلاة ويوجد في المبارة حكم لديه قوانين صارمة ينصاع الجميع لها ويحترمون قراره داخل الملعب والجمهور يعرف قواعد وأصول هذه اللعبة وقوانينها الموضوعة في اللعب يجد الناس ثم يلعبون مع الجد هذا هو اللعب فلماذا لا يقبلون على الجد أقبالهم على اللعب لماذا لا نحكم المنهج ويكون لنا أحترام له وغيرة عليه يجب أن نفرق بين اللعب واللهو. اللهو شيء غير مطلوب يشغل الشخص عن شيء مطلوب منه ولكن اللعب وإن كان هو شيء غير مطلوب منا ولكن لا يشغلنا عن مطلوب فنحن نعمله لكي نقوى على المطلوب في صحيح مسلم عَنْ حَنْظَلَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَعَظَنَا فَذَكَّرَ النَّارَ قَالَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ وَلَاعَبْتُ الْمَرْأَةَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ، فَلَقِينَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَافَقَ حَنْظَلَةُ، فَقَالَ: مَهْ فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا فَعَلَ فَقَالَ: يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ. ومما ينسب لعلي رضي الله عنه قوله: روحوا القلوب ساعة فإنها إذا أكرهت عميت. اللعب نستفيد منه في حياتنا الجدية مثلاً بالألتزام بقوانين لعبة كرة القدم والتعاون والمثابرة في حضور التمارين وإطاعة المدرب تكون النهاية الفوز ونأخذ من اللعب حقيقة هذه الحقيقة هى (فوز لا يغر و هزيمة لا تيأس ) وهكذا يجب أن نستقبل أحداث الحياة في قوله تعالى لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {23} – الحديد كذلك في مسائل اللعب وميدان اللعب والرياضة هو ميدان مكشوف كل شيء فيه واضح الصح واضح والخطأ واضح والتحايل لا يمكن أخفاءه ويجب أن نعامل المجتمع الذي نعيش فيه على أن الصح مجمع على أنه صح والخطأ كذلك والخطأ ينتشر في المجتمع لأنه مجمع على أنه خطأ ولكن يتم التدليس عليه ولكن حين يعلم أن ذلك خطأ بعد أجماع الناس عليه ويجمع على أن ذلك صواب من الناس يسير المنهج كما ينبغي بين الناس ولا يوجد أحد يحاول أن يحتال على المجتمع والرياضة جعلوها الناس غاية ولم يجعلوها وسيلة هى ليست غالية في ذاتها ولكن وسيلة لأشياء وسيلة لتربية كل هذه الأشياء من الخلق فلا نأخذ الوسيلة ونجعلها غاية فيجب أن تخدم الوسيلة الغاية الأصيلة التي خلق الأنسان لها وإلا يكون الأنسان قد ضيع الفرض من أجل النفل ولا يصح ذلك ولا يمكن ان يتقرب إلى الله بنفل إلا بعد أن تؤدى الفريضة الفريضة الأساسية أن الأنسان عبد لله موجهاً من الله في منهج من منهاج الحياة ليعمر الأرض وليسيطر فيها منهج الله وهذا هو الأساس وكل ما يعيننا على ذلك وسيلة لتلك الغاية ولا يجب على المرء أن يأخذ الوسيلة ليجعلها غاية وإلا أنقلبت الأمور رأساً على عقب وأصبحت الوسيلة هى الغاية و أصبح اللعب هو الأصل والجد هو المهمل ومن القضايا العقائدية التي تتناولها هذه السورة أن الله سبحانه وتعالى حين ينسب إلى نفسه فعل من الأفعال فإن العبد المستقبل لكلام الله يجب أن لا يستقبله بقانون البشر المعروف له وهو قانون النواميس الكونية في الوجود فلا يجعل من عقله حكماً على القضية التي يخبرنا بها الله ونستبعد العقل في فهم القضية التي هى من فعل الله وكل فعل يتسق مع فاعله فلا ننزل بكلام الله وفعل الله في القرآن إلى مستوى عقولنا بل نرتقي بعقولنا إلى مستوى كلام الله ولو جعلنا العقل هو الأصل ونزلنا بكلام الله لمستوى العقول لأصبح كلام الله هو محكوم عليه من العقل وفي قانون الأديان وقانون العقائد لا يكون العقل حكماً إلا في قوام ما يتأتى منه أما فعل الله فيجب فيه أن نرتقي بالعقل ليفهم عن الله