باق من الزمن ساعة

ذات ليلة أغلقت باب حجرتي بعد عودتي من الخارج وأطفأت نور المصباح .. وكعادتي كنت في حالة نفسية سيئة للغاية بعد ارتكابي ذنباَ من الذنوب الكبيرة والكثيرة التي أرتكبها لضعف إرادتي وإيماني .. وأخرجت علبة السجائر وبدأت أحرق في صحتي 00 و أهدر أموالي .. وكاد صدري ينفجر من شدة الضيق والحزن إلى جانب ما به من دخان أسود قاتل .. وتداعت مئات الأسئلة بذهني منها :

لماذا يؤنبني ضميري هكذا ؟ لماذا الشعور بكل هذا الحزن والضيق ؟ ألم أفعل هذا من أجل المتعة ؟

لماذا أصر على معصية الله تعالى ؟ هل سيطر الشيطان على عقلي وإرادتي بشكل تام ؟

وغلبني النوم وأنا أمسك بتلك السيجارة الملعونة بين أناملي .. ومرت لحظات ورأيت أمامي صديقي صديق السوء - الذي رافقني في كل هفواتي وسقطاتي وعاصر معي معظم لحظات مجوني وانحرافي والذي قد مات منذ شهور في حادث أليم وهو يمارس هوايته المجنونة المسماة بتفحيط السيارات - فارتعدت أوصالي عند رؤيته فقد كان وجهه مسوداَ محترقاَ .. كفيف البصر 00 رائحته عفنة .. تتساقط قطرات الدماء من بين شفتيه .. نحيل الجسم .. يحمل أحجاراَ ثقيلة على ظهره .. فابتعدت عنه في ذعر وسألته وأنا أتمتم بكلمات مرتعشة

لماذا أتيت إلى هنا ؟ هل اقتربت نهايتي وجئت تأخذني معك إلى الجحيم

فتبسم في خبث وقال : للأسف لم تحن بعد فقلت له : إذاَ أنت تعلم متى نهايتي أخبرني كم بقي من عمري ؟ فأجاب في سرور : الباقي من عمرك ساعة ..ساعة واحدة ..

رددت في ذهول ساعة ..

ساعة فقط ؟! فضحك شريك الملذات وقال بصوت مرتفع : ستلحق بي في الجحيم بعد ساعة وأنا في انتظارك لتشاركني العذاب كما

شاركتني ما كنا نتخيله سعادة واستدار مبتعداَ عني فحاولت أن أقوم لألحق به وأعرف منه أكثر فهل هذه حقيقة أم خدعة منه فلم تستطع قدماي حملي وسقطت على مقعدي .. ولأول مرة أنظر في ساعتي باهتمام وحذر وخوف قلق وهمست لنفسي قائلاَ : ماذا سأفعل في تلك الساعة ؟!

ستون دقيقة ماذا ستكفي ؟ هل ستكفي لأصوم ما أفطرته متعمداَ من أيام شهر رمضان ؟ هل ستكفي لأبر والداي ؟ وأصل رحمي ؟ هل ستكفي لأرد لمن أخذت أموالهم بطرق غير مشروعة أموالهم إليهم ؟ هل ستكفي لأستسمح من ظلمتهم فيما فعلته فيهم ؟هل ستكفي لأتطهر وأصلي وأقرأ بعض آيات القرآن الكريم ؟ هل ستكفي لأتعلم وأفيد الآخرين من علمي ؟ هل ستكفي لأجاهد في سبيل الله ؟ ولم أتحمل كل هذه التساؤلات وتمالكت نفسي ووقفت وخرجت بسرعة من المنزل بدون سيارة إلى الشارع لا أعرف إلى أين أفر من الموت وكيف أهرب من الجحيم ... وفجأة رأيت خيالاَ قادماَ من بعيد نحوي فخشيت أن يكون هذا رسول الموت ولكن كيف هذا لم تمر الساعة بعد وكان على يميني مسجد ولم أتردد كثيراَ من شدة الخوف ورميت جسدي داخل المسجد وكانت قد حانت صلاة الفجر فطمأنت نفسي قائلاَ ربما يكون أحد المصليين ودخلت إحدى دورات المياه تطهرت أولاَ من نجاستي ثم خرجت ودخلت المسجد ولأول مرة أحضر صلاة الفجر منذ زمن بعيد ورأيت عشرات المصليين يتدفقون على المسجد وكان ماء الوضوء يتساقط من وجهي مختلطاَ بدموع عيني .. وكان هناك شعور غريب بداخلي ومزيج عجيب من الخوف والرجاء وخوف شديد من الله وانتقامه ورعب من الوقوف بين يديه مما جعل جسدي ينتفض كالعصفور المبتل ولكن انتابني رجاء وأمل في رحمته وعفوه وصفحه فسجدت بين يديه سبحانه وكأني لم أتعلم السجود إلا اليوم وظللت أناجيه في سجودي وأسبح بحمده وأستغفره وأثني عليه فعجبت كيف لم أذق هذه اللذة قبل اليوم وكيف فرطت في عمري هكذا وتمنيت لو بقيت ساجداَ حتى يقبضني الله وأنا ساجد بين يديه ...

35

وبعد أن انتهت صلاتي أمسكت بالمصحف لأستغل ما بقي من هذه الساعة في تلاوة القرآن ومرت الساعة ووراءها ساعة وأخرى وأنا في المسجد فحمدت الله تعالى على بقائي حياَ وأن ما قاله لي هذا الصديق المزيف كان كذباَ وخداعاَ وقررت العودة إلى منزلي لأستريح بعد هذه اللحظات القاتلة وفوجئت عند دخولي حجرتي بهذا الماجن ينتظرني على مقعد مكتبي فصحت في وجهه الكريه قائلاَ : ماذا تريد مني أيها الماكر ؟ فنظر لي بكل هدوء وبرود وقال : لن أتركك حتى تتوب وتهرب من الجحيم سآخذك معي قبل أن تتكاثر

حسناتك وتتزايد وفي لمح البصر وجدت يده تعصر عنقي بكل قوة وأحسست بدوار وزغللة وبنفسي لا أستطيع التحكم فيه وفجأة شعرت بنيران تلسع أصابعي فقمت فجأة وانتبهت واستيقظت ونظرت حولي فوجدت نفسي أمسك بسيجارتي الملعونة والتي كنت أشعلتها قبل أن يغلبني النوم وقد انتهت ولسعت أصابعي ..

ما هذا ؟ هل كان كل هذا حلماَ ؟! وضحكت بهستيريا .. نعم لقد كان حلماَ ولكنه حلماَ فظيعاَ .. ولكن تعلمت منه الكثير والكثير ونهضت واقفاَ وقذفت بعلبة الدخان من نافذة حجرتي وهرولت إلى الحمام لأتطهر وأصلي وأذهب لأقبل يدي والداي وأطلب العفو منهما ومن كل من ظلمتهم وأقطع صلتي نهائياَ بكل أصدقاء السوء إذا امتنعوا عن دعوتي لهم بالتوبة والرجوع إلى الله وأقضي ما تبقى لي من عمري في طاعة الله ورجاء عفوه ومغفرته وجنته ونعيمه ...

والآن عزيزي القارئ :

هل ساعة واحدة تكفي ؟

كم من الساعات ضيعتها بلا فائدة ؟

كم من عمرك ضاع بلا مقابل ؟

لو أخبرك أحد أنه لم يبق من عمرك غير ساعة ستصر على ما ترتكب من ذنوب ؟

انتبه لنفسك فلو بقي من عمرك مئة سنة فهي بمقاييس الآخرة ساعة واحدة .. مجرد ساعة 00 ستمر عليك وكأنها ساعة استغلها على أنها ساعة وستنظر

إليها بعد مرورها على أنها ساعة واحدة فقط

ألم تسمع قول الله تعالى " كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار "

ألم تسمع قوله تعالى " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة "

يا صديقي إن الدنيا كلها مهما طالت ستظل دائماَ ساعة استغلها من استغلها وأضاعها من أضاعها فأي الفريقين تختار ؟ ! ولكن أسرع وحدد موقفك لأنه لم يبق من العمر غير ساعة ساعة واحدة فقط .... فهل تكفي ؟!

اللهم ثبتنا على دينك الحق
اللهم هب لنا حسن الخاتمة
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا
اللهم اجعلنا من الطائعين العابدين
ولا تجعلنا من العاصين الضالين

يا ادمن الدنيا سجن المؤمن وجنه الكافر

لو اخبرنى احد انى ساقابل ربي بعد ساعه لكنت في شوق شديد له وللقائه الذي انتظرته سنوات عمري

الدنيا دار فرار والاخرة دار قرار

مهما عشنا فالموت ينتظرنا

لا فرار منه،

من احب الدنيا غرق فيها

ومن احب الاخرة نجى

اللهم اجعلنا من اصحاب الجنة

سلمت يميناك

» من يغير ومن يتغير الناس أم الزمن ؟
» وزير النقل يقرر..رد نصف قيمة التذكرة لكل راكب يتأخر قطاره أكثر من ساعة