كيف يجب أن يكون القضاء في الأسلام

الأمام علي رضى الله عنه سئُل كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم في وقت ؟ أجاب كما يرزقهم على كثرتهم في وقت واحد وليس رزق واحد بشاغله عن رزق الآخر لأن الطاقة لأن الطاقة تشغل إن كانت محدودة ولكن الطاقات غير المحدودة تعمل كل شيء في وقت واحد ولا يشغله شيء عن شيء وسبحان من لا يشغله شأن عن شأن والأعمال أمور معنوية والميزان أمر مادي ويجب أن ننقل الأعمال من المعنويات إلى الماديات إلا أنه يجب أن نفهم أن الميزان أمر معنوي أيضاً والمراد به إقامة العدل بالقسطاس المستقيم و أقامة العدالة المطلقة والميزان إن كان أمر معنوي لا يؤمن به الهوى فالميزان المادي مصنوع من الحديد ومقاديره دقيقة أما إذا كان الميزان معنوي لا يمكن أن ندقق به لمعرفة العدل المطلق فكأن العدل المطلق نُقل إلى جماد هذا الجماد لا يجامل ولا عواطف له فكأنه يعطي الأمر بالدقة فحين نوزن أشياء نفيسة نوزن الشيء بميزان دقيق حساس لأن الاختلاف في أقل شيء بهذا الميزان يكون له قيمة كالغرام أو أجزاء منه بخلاف أن نوزن بعض الفواكه أو الخضروات فهذا له ميزان وهذا له ميزان أخر ويمكن أن تكون القيمة ضائعة في أثرها كوزن السموم وزيادة أي قدر بسيط يخل بتركيب الدواء فيتم استخدام ميزان حساس وتوضع التركيبات في دولاب خاص حتى يمنع عنه تأثيرات الهواء وساعة نضع الأمور أمام الميزان لا يقدر أحد أن يقول أن الأمور تسير بالهوى لصالح كائناً من كان لأن الميزان لا عواطف له أو هوى أو مجاملة لأحد على حساب الأخر فسواء كان الميزان هو الميزان المادي فقد أختاره الله عز وجل لهذه العلة وإن كان أمراً معنوياً فقد أختار له كلمة الميزان لأنه أضبط شيء في تقدير الأمور ضبطاً غير متهم فالقضاء في بعض الدول الحديثة يرمز له بالميزان فيكون العدل مطلق رغم انه معنوي فيذكر الميزان القاضي بأن يدخل الشيء منه كما يدخل الشيء على الشيء في الميزان المادي بدون هوى منه ويعطي الحق بدون عاطفة تميل إلى طرف على حساب الأخر كالميزان الجامد الحديد الذي لا يجامل هذا أو هذا وهذه مسألة دقيقة بالنسبة للتكوين البشري ليس سهلاً على الإنسان أن يكون كذلك لذلك فإن كثير من الناس يقدر هذه المسائل فيمتنع عن القضاء لأن العواطف لها تأثير روى أن قاضٍ من كبار القضاة توجَّه إلى أحد الخلفاء و قال يا أمير المؤمنين أريد أن تعفيني من منصب القضاء. فقال له أمير المؤمنين له و لِمَ، وليس في الأمة من هو أعدل منك؟ ـ فقال والله لقد شاع بين الناس أنني أحب الرُطَب، وفي أحد الأيام طرق الباب رجلٌ وقدم لخادمي طبقاً من الرُطَب، وجاءني بها في بواكيرها، إذِ الفاكهة التي تأتي في وقتها محببةٌ جداً. فالقاضي سأل خادمه فقال ممن هذا الطبق ؟ قال رجلٌ في الباب. فقال صفه لي.فلما وصفه له عرف أن هذا الرجل له قضيةٌ عنده، فرد الطبق، وفي اليوم التالي جاء الرجلان إلى مجلس القاضي فقال والله يا أمير المؤمنين ما استويا في نظري ـ أي أن الخَصمين ما استويا في نظري ـ على الرغم من أنني رددت الطبق ، فكيف لي إذا أخذته ؟!هذه مسألة دقيقة والميزان يخرج إلى مسألة لا عواطف فيها أبداً فتكون العدالة مضمونة وأخوف ما يخاف في الحكم أن تسرق عواطف الذي يحكم من غير قصد وتجعله يميل ولو بلحن الحجة عن أم سلمه- رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما أنا بشرٌ ، وإنكم تختصمون إلىّ ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له بنحو ما أسمعُ ، فمن قضيت له بحقِّ أخيه فإنما أقطعُ لهُ قطعة من النار متفق عليه (ألحن) أي أعلم .أي لديه قوة عرض وقوة اقناع ويلبس الباطل ثوب الحق فيحكم القاضي له فعواطف القاضي عرضة أن تستمال ولو بالمنطق وليس بالضرورة أن تستمال بالرشوة أو الهدايا فالرسول صلى الله عليه وسلم حين يقضي لا يعتبر قضاءه حكماً سماوياً إنما هو قضى للحجة وقد تكون الحجة مُدلس فيها والله سبحانه وتعالى عاتب سيدنا داوود عليه السلام وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ {21} إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ {22} إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ {23} قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24} - ص أُخذت عاطفة سيدنا داوود من قبل خصم من الخصوم فأدخل في حيثية الحكم ما ليس له دخل في حيثية الحكم لأن الظلم هو ظلم سواء كان لأحد الخصوم تسعة وتسعون نعجة أم لا وكان كافي أن يقول قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ دون أن يقولإِلَى نِعَاجِهِ فكأن سيدنا داوودشق على نفسه أن يكون لأحد الخصمين تسعة وتسعون نعجة ويسأل نعجة الخصم الأخرى وحتى لو لم يكن له هذا العدد من النعاج هل يباح له أن يأخذ نعجة الخصم فقوله تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً لا دخل لها في الحكم أبداً ولا في حيثية الحكم إنما قد تم أُخذ سيدنا داوود عليه السلام من عر ض المسكنة من قبل احد الخصوم إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فأدخل في نفسه أنه مسكين وأن خصمه في بحبوحة من العيش فتسلل إلى قلب داوود و إلى عاطفته من هذه الناحية ولو قال له سيدنا داوود عليه السلام قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ لكان كافي بغض النظر عن أي أمور أخرى عوضاً عن قوله لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ فكأنه لو لم يكن لديه تسعة وتسعون نعجة لم يكن ليظلمه فأدخل في حيثية الحكم ما لا يدخل في حيثية الحكم وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ أي أختبرناه بأن عرض عليه هذه المسألة و جعل الله هذا الشخص يحسن العرض فيملئ قلبه غيض على الغني وعاطفة على الفقير وأدخلها في حيثية الحكم ويجب أن لا يـتأثر القاضي فيدخل في حيثية الحكم ما ليس في حيثية الحكم

» اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن ..
» ألوو أم تحية الأسلام ؟
» رابط لموقع طريق الأسلام