نفحات أيمانية في مدن الزحام وثقافة الأسفلت

في الأيام الحاضرة نجد أضطراباً عظيماً في قيمنا الخلقية ونوعاً من الأنفصامية والتشتت في سلوكياتنا العملية بين ما نريده في داخلنا وبين ما نفعله في الواقع وترجع أسباب هذه الحالة التي نعاني منها أن أخلاق القيم الدينية والأخلاقية والعادات والتقاليد الفاضلة التي ظلت ردحاً من الزمن توجه سلوكنا ومنهجنا الخلقي قد أنحسرت وحوصرت بنمط أخر من الأخلاق التي فرضها واقع العصر وهى أخلاق الزحام وثقافة الأسفلت التي تملكت مؤخرا وهذا التحول المفاجيء كان نتيجة سرعة أيقاع االتقدم المادي المعاصر واللهاث وراء التكنولوجيا والعولمة والأنترنت وأصبحت العبرة بالأنتاج الكمي ولم تعد لقيمة الأشياء أهمية تذكر مقابل الثمن كما كان في الماضي حيث أصبحت الناس تسأل عن الثمن وليس القيمة وساد الأعتقاد عند كثير في العالم العربي والأسلامي لعقود طويلة أنه طالما أنه ناخذ من الغرب (الآلة ) ووسائل التقدم التكنولوجي فإنه ينبغي أن نأخذ منه الأخلاق كما ذهب إلى ذلك بعض مفكرينا من دعاة التغريب والأنكفاء على ثقافة الغرب بكامل مكوناتها بينما وجد البعض الأخر بعد تأملات طويلة أن الأخلاق مظهر أنساني من غير المجدي أن نبحث عنه في في فلسلفة الحضارة الغربية اللانسانية حضارة الأسفلت والوجبات السريعة والجينز و ماكدونالدز و اللامبالة بالأخرين ورغم أن أفكارنا طرقت أتجاهات عديدة إلا أنه من الغريب أنها لم تلتفت بشكل جدي إلى ميراثنا الثقافي بأعتبارنا حضارة أسلامية لها خصوصياتها لعلنا نهتدي إلى المنهج الأخلاقي النافع بعيداً عن ثقافة الأستهلاك المادي والمظاهرة الفارغة البعيدة كل البعد عن قيمنا الدينية المتوارثة جيل بعد جيل المتناغمة مع تكويننا النفسي الديني الذي يقوم على أسس أسلامية نقية وفكر روحي عميق ونقي يكمن جوهرها التجرد من مظاهر الحياة الفانية إن أخلاق الزحام تنبذ ثقافة السخاء والتسامح والتواضع والأخاء وحتى التبسم والبشاشة في وجه الناس على أقل تقدير قال رسول الله صلى الله عله وسلم)ابتسامتك في وجه اخيك صدقة (لأن السائدة حالياً بين الناس هو التنافس والصراع وعقدة البحث عن التفوق الفردي والأنانية و تصب في جانب واحد جانب الآنا لافقط أنا أحب أنا أنا أريد أنا أرغب أنا أريد أن أكون مشهور ومميز في ملابسي وقصة شعري أنا أريد و أريد ... سلسلة من المطالب الأستهلاكية التي لا تنتهي وغير ذلك من أخلاق الزحام ونسينا كل شيء جميل عن قيمنا في غمرة أندفاعنا وراء كل ما هو مادي في آلية بغيضة لا تدع مجال لبرهة من تأمل هل حياتنا تلائم واقعنا أم أننا ضائعين لا نعلم هل نحن الذين نصنع واقعنا أم هو الذي يصنعنا المخدرات قد يقلع عنها الشخص أما الثقافات المستنسخة من الأخرين تستحوذ على الجميع ولا مجال للتملص منها ويصبح الأنسان داخل قفص كحيون مستهلك يريد أن يعيش ليأكل لا يأكل ليعيش وفي النهاية لا نصبح سوى مجرد نسخة مقلدة سي دي مقلد وفي أحسن الأحوال سوف نكون نسخة مقلدة رديئة الصنع مثل المنتجات الصينية سيئة التصنيع وربما أسوء !!! دعونا نصلح أجهزة أستقبالنا مع السماء لنلتقط البث الروحاني الألهي بقلوب مفعمة بالأيمان العميق والعمل الصالح على هدى القرآن وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم من السلف الصالح كأننا نركب طائرة جميعاً و الكتاب والسنة هى العلامات التي تنير جانبي المدرج و أرشادات قمرة القيادة في تلك الطائرة في هذه الدنيا الفانية هى الطريق إلى رحلة آمنة بعد الموت إلى العالم الأخر وغايتنا هى الجنة بإذن الله وتذاكر هذه الرحلة ثمنها العمل الصادق وطهارة الباطن بعيداً عن أفتعال الكلمات البليغة الزائفة التي تلاميس الآذان ولا تسكن القلوب لكي نكون أصحاب أفعال لا أصحاب أقوال فقط !!! ونرسي دعائم أعمالنا على القرآن والسنة حتى يصبح منهج حياتنا في السلوك والأخلاق مبني عليهما قال تعالى وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ – النور دعونا نشعل من روحانيات الخواطر الأيمانية لبعض أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال بعض العارفين بالله على هدي النبوة المحمدية سراج لعله ينير طريق حياتنا وسط ظلمة وزحام المدن وثقافة الأسفلت
قال أحد العارفين كان الرجل من أهل العلم يزداد بعلمه بغضاً للدنيا وتركاً لها واليوم يزداد الرجل بعلمه حباً للدنيا وطلباً لها وكان الرجل ينفق ماله على علمه واليوم يكتسب الرجل بعلمه مالا
قال أحد العارفين : أصل المعرفة الرحمة من الله على العبد قال تعالى يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ( 74 ) – آل عمر ان والله يعرف بالله ولولا ربي ما عرفت ربي ومن عرف الله بالله أهتدى به وبه أستدل

سئل الإمام حاتم الأصم : كيف تخشع في صلاتك؟ فقال : بأن أقوم فأكبر للصلاة , وأتخيل الكعبة أمام عيني, والصراط تحت قدمي , الجنة عن يميني والنار عن شمالي ,وملك الموت ورائي, وأن رسول الله يتأمل صلاتي وأظنها آخر صلاة , فأكبر الله بتعظيم وأقرأ وأتدبر وأركع بخضوع , وأسجد بخضوع ,واجعل في صلاتي الخوف من الله والرجاء في رحمته ثم أسلم ولا أدري أقبلت أم لا !
حسبك من المعرفة أن تعرف أنه يراك ومن العلم أنه مستغني عن عملك
قال رجل لزاهد في الدنيا أوصني قال أوصيك إذا أشتغل الناس بالدنيا فأشتغل أنت بالآخرة وإذا أشتغل الناس بتزيين الظاهر فأشتغل أنت بتزيين الباطن وإذا أشتغل الناس بعمارة القصور فأشتغل أنت بعمارة القبور وإذا أشتغل الناس بعيوب الآخرين فأشتغل أنت بعيوب نفسك وإذا أشتغل الناس بخدمة المخلوقين فأشتغل أنت بخدمة الخالق
سئل أحد الأشخاص واحد من الزاهدين عندما حضره الموت كيف صبرت عن الدنيا فقال له أصوم عن الدنيا حتى يكون أفطاري الموت وفررت من الدنيا وغوايتها كما تفر من الأسد
قيل لأحد المتصوفة أن فلان يزعم أنه وصل فلم تعد تؤثر فيه الأحوال ولا الحلال أو الحرام فقال نعم قد وصل ولكن إلى سقر((جهنم ))
قال أحد العارفين ما تكلمت بشيء قط في غضب ندمت عليه في رضا
كان زاهد يوصي بعض أصحابه ويقول من رأيته يدعي مع الله حالة تخرجه من الشريعة أو من رأيته يحب الرياسة والتعظيم فلا تقربنه ومن رأيته يشكوا حاله إلى أبناء الدنيا فلا ترافقه ومن رأيته مستغنياً بعلمه فلا تأمن جهله ومن رأيته يدعي أمراً باطناً لا دليل له عليه فاتهمه في ذلك ومن رأيته راضي عن نفسه ساكنا إلى عمله عن رحمة ربه فهذا هو المحروم
قال على بن أبي طالب رضى الله عنه إذا أحببت أن تكون من أهل المكارم فأجتنب المحارم
سئل الأسكندر الأكبر ما سر ملكك قال قدوتي أن أكافيء من أحسن لي بأكثر من أحسانه
قال حاتم الأصم أجعل روحك عندك عاريه ونفسك رهينة والموت نازل بك لا محال
كان أحد الأثرياء في منزله يلهوا مع أصدقائه في منزله طرباً وغناء ومجون فطرق رجل زاهد الباب وعندما فتحت الخادمة له الباب سألها: هل صاحب البيت حر أم عبد قالت: له بل حر قال الزاهد : نعم فلو كان عبد لحفظ آداب العبودية مع ربه !!!
ومن عرف الله بالله أهتدى به وبه أستدل
حسبك من المعرفة أن تعرف أنه يراك ومن العلم أنه مستغني عن عملك ومن عرف الله بالله أهتدى به وبه أستدل

حكى أن أعرابياً أتى عمرو بن العاص فساله شيئاً ،فقال للغلام : أعطه خمسمائة فذهب الغلام ثم رجع وقال أخمسمائة دينار أم خسمائة درهم قال عمرو بن العاص إذ رجعت فأجعلها خمسمائة دينار وبعد أن قبض الأعرابي المال جلس وغدا يبكي فقال لع عمرو بن العاص مالك لعلك أستقللت العطاء قال لا ولكن أبكي كيف تأكل الأرض مثلك
قال أحد المحسنيين لأصحابة إذا كانت لكم إلى حاجة فكتبوها إلى ،ولا تسألوني مواجهة فاني أكره ذل السؤال في وجوهكم
عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الرجل ليدرك بحسن الخلق درجة الساهر بالليل الظامئ بالهواجر .
قيل من اكتفى عن السؤال فقد أعطى خير النوال ..وقيل هان عليك من أحتاج إليك وقال بعضهم إذا أردت أن تعيش حراً فلا تلزم مؤنة نفسك غيرها . وقيل أستغني عمن شئت تكن نظيره واسأل من شئت تكن أسيره ،وأحسن إلى من شئت تكن أميره !
حكي أن الأحنف بن قيس كان له غلام أسود سيء الصورة والخلق وكان يحتمله ويصبر على سوء خلقه ! فقيل له لما ذاك قال : إنما أمسكه لأتعلم منه الحلم

أحسنت وأحسن الله إليك أخي الكريم لهذا الطرح المميز والضروري سبحان الله حقا ما ذكرت أخي الكريم من مظاهر وأعراض الظواهر الغريبة الجديدة التي إجتاحت مجتمعاتنا العربية والإسلامية وسبحان الله إلا من رحم ربي ويا ليت كل واحد منا يواجه نفسه وينظر في أسرته وأهل بيته ومجتمعه من حوله فجميعنا سنسأل من قبل الله عز وجل يوم المشهد العظيم هل نصرنا ديننا وليس معنى نصرة ديننا الإنتصار بالحروب والفتوحات إنما نصرة الدين بإحيائه بسلوكياتناوتعاملنا بإتقاء الله وإتباع لمنهج الإسلام وإتباع لسنة حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه .... جزاك ربي عنا جميعا أخي الكريم الجنة

الاخ يوسف

كل حرف في كلامك منطقي وواقعي وصحيح

جزاك الله خيرا

فموضوعك نلتسمه الان وامس وغدا

فاصبح تقليد الغرب تقليد اعمى

جزاك الله كل خير
واثابك ونفع بك

شكرا لك لموضوعك ولتنسيقك للالوان والحجم

مرة اخرى بارك الله فيك

» اللهم اسقنا من الحوض المورود يوم الزحام
» أسلام امرأة من نفحة من نفحات السيرة العطرة