الذكر مفتاح بيدك فلا تغلق الباب

يجب علينا أن نعيش دائماً في ظل من أنعم علينا النعم لا لأن الله سبحانه وتعالى سيرجع عن تلك النعم ولكن لأنه يريد منا أن نذكره فيذكرنا ويزيدنا من نعمه وهى رغبة الكريم أن يعطي لذا يجب أن نكون أهلاً لعطاءه فهو الحق سبحانه وتعالى راغبا بأن يعطي خلقه أكثر ومعنى أذكرني أذكرني في كل شيء أذكرني في نعمي عليك أذكرني في نفسك أذكرني في عطائي لجوارحك ولذلك يقول بعض الصالحين إذا ما شربت الماء قسمه أثلاثاً أشرب أولاً جرعة ماء وقل بسم الله ثم أنتهي من الجرعة وقل الحمدلله وأبتدأ الجرعة الثانية وقل الحمدلله وأنتهي منها وقل الحمد لله ثم أختم بالثالثة وقل بسم الله واختمها بالثالثة وقل الحمدلله إذا أخذنا شربة ماء بهذه الطريقة التي نقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم طالما كان في جوفك ذلك الماء فلن تحدثك ذرة بمعصية الله لأنك أستقبلت النعمة بذكر المنعم ونفضت عنك حولك وقوتك في كل شيء ولماذا الماء بالذات لأن الماء في الجوف أشيع فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ {152} - البقرة الشكر على ماذا الشكر على نعمة الأيمان أن ينضح المؤمن إيماناً وليس الشكر على النعمة لأن هناك من يضل على علم أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ {23} - الجاثية و هناك من يحجب النعمة عن المنعم حين يستقبلها فتنة بالأسباب قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ {78} - القصص وَلاَ تَكْفُرُونِ أي لا تكفروني بستر النعمة فلا يجرونها على السنتهم وكل نعمة من نعم الله لو استقبلت إلى مردها بمشاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله لا نرى في النعمة مكروه أبداً لأن من يعتقد بذلك يحصن النعمة بسياج من أنعم النعمة وإن أستقبلت النعمة بمعزل عن المنعم ونسيت المنعم كأن النعم لها خصوصية لك وحدك تترك لشأنك يَ ولذلك ساعة يأتي موعد الصلاة يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمؤذنه سيدنا بلال أبن رباح رضي الله عنه : أرحنا بها يا بلال لم يقل كما يقول بعض الناس أرحنا منها لأن الصلاة تكون على نفوسهم ثقيلة وطالما أن الشخص يرتاح بالصلاة فإنه ذهب إلى أنس بالله المكلف في حضرة الله عز وجل وكل أمر شاق بعد ذلك لا يواجهه بعبوديته بل يواجهه بربوبيته فلا كرب وأنت الرب إن من يواجه أمراً من الأمور مع من هو أقوى منه يواجه ذلك الأمر بشجاعة فكيف من يواجه الحياة وهو بمعية الله وكل شيء في الوجود اثر من أثار فعل الله وأنت تواجه الفعل بالفاعل أيجروء أمراً أن يواجهك وأنت مع الله ولذلك الأحداث لا تستبد بالخلق إلا ساعة ينفلتون من حضانة ربهم أنما أنسان يعيش في حضانة ربه لا يجرؤ عليه الشيطان ولذلك يقال أن الشيطان خناس إذا سهيت عن الله أجترئ عليك وإذا ذكرت الله خنس فلم يدخل الشيطان مع الله في معرة ولكن دخل مع عبيد الله في معركة والذي يحتمي بالله لا يقدر عليه ولذلك قال قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {83} - ص ومعية الله حين تلحظ في أي شيء تعظي للإنسان طاقة من الجلد وطاقة من القوة وطاقة من الأنس بالله ومن الرجاء بالله من الأنس به لأنه يصاحبه في كل عمل ومن الرجاء فيه لأنه يجازني مع العمل ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن الله عز وجل يقول يوم القيامة ‏ ‏يا ابن ‏ ‏آدم ‏ ‏مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف ‏‏ أعودك ‏ ‏وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده يا ابن ‏ ‏آدم ‏ ‏استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن ‏ ‏آدم ‏ ‏استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي ‏في المرض الله سلب عبده المؤمن النعمه وآنسه بالملك ولذلك يقول بعض الصالحين : اللهم إني أستحي أن أسئلك العافية حتى لا يكون زهداً في معيتي لك إن ذكر الله يجب أن يتمثل للمؤمن في كل نفس من أنفاس حياته لأن الأنسان لا حياة له إلا بقيومية الحق على هذه الحياة ولا ذاتية له إلا إذا كانت مستمدة من الله فإذا أراد العيش موفقاً فليدم ذكر من وهب له هذه الحياةفكلما أقبل على شيء قال أنفعل لي أيها الشيء بسم الله لأنه هو الذي سخرك لي ولم أسخرك لا بطاقتي ولا بقدرتي حينمت يستقبل نعمة يجب أن يقول بسم الله حينما يستقبل مصيبة فيما يحب يجب أن يقول إن لله وإن إليه راجعون لذا يجب أن يكون المسلم دائماً على ذكر ليتصل بالمدد الأعلى القيومية لتستمر له الحركة المباركة في الحياة وإن كان غير ذلك ولا يذكر الله ويذكر الأسباب فإنه سوف يأخذ الأسباب ولا يأخذ بركة الأسباب فإذا ما أخذ من الأسباب بغير بركة أنتهت الأسباب بذاتها ولكن إن أخذ الأسباب مع مسببها ظلت معهة بركتها إلى يوم القيامة إلى أن يجيء إلى الله يوم القيامة ومعه رصيد من بركة الله ليستمر في الوجود بلا حركة منه والله سبحانه وتعالى علق ذكره بذكرك أنت في قوله فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ إذاً المفتاح بيد المؤمن حين يؤمن به يسلمه مفتاح القرب منه فإن أردت أن تقرب منه فالمفتاح معك وإن أردت أن تصد عنه فأغلق على نفسك باب الرحمة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( لا يمل الله حتى تملوا ))