الحوار في الفضائيات

كثير منا يشاهد البرامج الحوارية على التلفاز وخاصة البرامج السياسية التي غالباً ما تنتهي بغوغائية تصيب عقل المشاهد قبل أذنه وينتهي المطاف بالتسؤلات والشكوك حول الموضوع التي كانت لديه وقد تشطرت بعد ذلك البرنامج إلى مالا نهاية من الأحاجي والطلاسم تغمض عليه ماكان لديه من صواب الراي ووضوح الرؤية فيصبح الصوت العالي في تلك البرامج دليل على قوة الحجة وتكلم المتحاورين في وقت واحد مدعاة لرثاء المشاهد الذي يضيع وقته سدى في محاولة مقدم البرنامج إسكات المتحاورين هذا إن لم يقم هو بنفسه بالأنحياز لطرف دون الآخر لإفتعال الأثارة وتسخين إيقاع الحوار إلى درجة الغليان في حلبة مصارعة الديوك وعن هذه البرامج الحوارية يقول الدكتور سعيد بن طفلة كاتب كويتي :هناك مفهومين مختلفين تماما عن بعضهما البعض الحوار القيمي والحوار الفضائي الحوار كقيمة مسألة مختلفة عن الحوار عبر البرامج الفضائية فالحوار القيمي هو مساواة الحوار في عالم اليوم بالقيم الإنسانية ،كالصدق والحب والخير والعطاء والكرم والتضحية والسلام وغيرها وهو فضيلة تدرس للأطفال منذ نعومة أظفارهم في الدول المتقدمة طبعا ،لا تزال مناهجنا التعليمة تقوم على قمع الطفل باسم احترام الكبير وإسكاته بحجة أن ((السكوت من ذهب )) الحوار القيمي يتطلب وجود طرفين متكافئين يتبادلان وجهات نظر مختلفة ولا يفترض احدهما أنه على حق بينما الآخر على باطل أي انه حوار بين نديين ،والاتجاه في هذا الحوار طريق باتجاهين ومثل هذا الحوار قد ينتهي كما بدأ : أي باستمرار اختلاف الطرفين مع احترام كل منهما للآخر أو باقتناع طرف بوجهة نظر الآخر والحوار القيمي يبحث عن المعلومة وتبادلها ويهدف لإقناع الطرف الآخر ويهدف إلى توعية وتثقيف وربما أقناع محاوره أما الحوار الفضائي فهو ما يمارسه المحاورون في برامجهم عبر الفضائيات وهو مخالف لمفهوم الحوار كقيمة فالمحاور – أي مقدم البرنامج في كرسي من يسائل ويستجوب وليس من يحاور والحوار هنا من طرف واحد وغالبا ما يرفض مقدمو البرامج الإجابة عن أي سؤال يوجهه له مضيفهم بحجة أنهم هم وحدهم من لهم حق توجيه الأسئلة وعلى الضيف الإجابة عنها والحوار الفضائي همة المشاهد والإثارة والسخونة في الحوار باتجاه واحد فقط ويهدف لحيرة الطرف الآخر وهنا مربط الفرس لغويا فالحوار من المحاورة وهو من حار أو حديثا أحتار وهو مشتق من جذر واحد حار ومنها تحير أمره وصفتها حيران وجمعها حيارى ويقال حار الماء أي لم يجد له مخرجا وعلي هذا المعني سميت الحيرة بالعراق وسمي الحاير بجنوب الرياض حيث يحار السيل وحار الدم أي تجمع من ضربة أو رضه لكنها لم تحدث جرحا لخروج الدم والحارة هي الزقاق المقفول الذي لا مخرج له والمحارة هي حيوان رخوي مائي يعيش في صدفة واشتقت معناها من أنها حائرة لا تخرج من الصدفة أبدا ومحاورو الفضائيات يهدفون إلى أن يحير الضيف بالإجابة والضيف قد يلف ويدور دون إجابة وينطبق عليه المثل العربي : طحنت الطحانة فما حارت شيئا الحوار شيء والمقابلات الفضائية شيء مختلف تماما.قال تعالى : وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا

[size=16]الكهف 54 وقال تعالى:وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ
وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنْذِرُواْ هُزُواً ) الكهف 56 .

وقال تعالى
‏‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ - صدق الله العظيم-

[/size]

[URL=http://up.arab-x.com/] الحوار في الفضائيات QXb30599

[/url]