سجدة الشكر

موضوع: سجدة الشكر الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 6:41 pm

سجدة الشكر برنامج علاج معرفي و سلوكي للحزن
من "كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق" و من الطب النفسي

ذهب جمهور العلماء إلى استحباب سجدة الشكر
لمن تجددت له نعمة تسره أو صُرفت عنه نقمة

فعن أبى بكرة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أتاه أمر يسره أو بُشر به خر ساجدا شكرا لله تعالى "رواه أبو داود و ابن ماجه و الترمذي و حسنه"

و روى البيهقى بإسناد على شرط البخاري أن عليا رضي الله عنه لما كتب إلى النبي صلى الله عليه و سلم بإسلام همذان خر النبي صلى الله عليه و سلم ساجدا ثم رفع رأسه فقال "السلام على همذان , السلام على همذان "

و عن عبد الرحمن ابن عوف أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج فاتبعته حتى دخل نخلا فسجد فأطال السجود حتى خفت أن يكون الله قد توفاه فجئت انظر فرفع رأسه فقال: مالك يا عبد الرحمن ؟ فذكرت له ذلك فقال :" إن جبريل عليه السلام قال لي : ألا أُبشرك ؟ إن الله عز و جل يقول لك : من صلى عليك صليت عليه و من سلم عليك سلمت عليه فسجدت لله شكراه" رواه أحمد و رواه أيضا الحاكم و قال صحيح على شرط الشيخين و لا أعلم فى سجدة الشكر أصح من ذلك

و روى البخاري أن كعب ابن مالك سجد شكرا لله لما بُشر بتوبة الله عليه

و روى أحمد أن عليا سجد حين وُجد ذا الثدية فى قتلى الخوارج

و ذكر سعيد ابن منصور أن أبا بكر سجد حين جاءه قتل مُسيلمة الكذاب

و قال الشوكانى: و ليس فى أحاديث الباب ما يدل على اشتراط الوضوء و طهارة الثوب و المكان لسجود الشكر

وسجود الشكر عبادة كريمة و علاج معرفي و سلوكي للحزن و الخوف فتعالوا نقف وقفة مع القرآن و الطب النفسي فى معنى الشكر و أهميته و أثره على الصحة النفسية للفرد و المجتمع

قال المولى فى كتابه الكريم :
"و لقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله
و من يشكر فإنما يشكر لنفسه و من كفر فإن الله غنى حميد" سورة لقمان12
إن الشكر من الحكمة لأنه يعنى تمام إدراك العبد و فهمه لأن كل ما يكون من الله خير و إن بدا غير ذلك و الحكمة هي القدرة على الفهم السليم الذي يريح الإنسان من الشك و التردد و القلق

و سجدة الشكر هي أحد السلوكيات التي تُستعمل كترجمة عملية و إعلان للشكر

طبعا شكر النعمة ممكن بالصدقة و بالمشي فى قضاء حوائج الناس و بأحوال كثيرة لا تُعد و لا تحصى ليس هذا مجالها الآن لأني أود التوقف عند الأثر النفسي لسجدة الشكر و أثر التعود عليها على تفكير الإنسان الايجابي و قدرته على التعايش بشكل أفضل مع حياته

ماذا لو عودت نفسك على أن تسجد شكرا لله فى صباح كل يوم قبل أن تبدأ يومك

و هي ليست سنة حتى لا ندخل فى مجال البدع و لكن فقط كعلاج سلوكي و معرفي سأشرح أهميته

اليوم أنت تستيقظ حزينا الهموم كثيرة و الغيوم التي تُغيم على روحك و قلبك كبيرة

و أنت بالكاد تستطيع التقاط أنفاسك و تبد أيوم جديد من الضغوط و الأعباء ثم تذكرت أن برنامجنا العلاجي ينُص على سجدة شكر فى الصبح و قبل الخروج من المنزل

حسنا ستقف و تسألك نفسك المتمردة و التي تميل للحزن و الدعة و الاستسلام للانسحاب من الحياة بدلا من المواجهة الايجابية ...علام ستشكر ؟؟

صدمة طبعا ... علام سأشكر ... لا حول و لا قوة إلا بالله .. أفيقي أيتها الغبية سأشكر على أنني لا زلت حيا و عندي فرصة أن أعمل لمرضاة الله و أطمع فى الجنة و أتقى النار فغيري انقطع عمله و انقطعت فرصته و لا أحد يعلم أله من يدعو له أو يتصدق عنه ... سأشكر على أن مخي لا زال سليما و أنني لست غائبا فى مرض كالألزهايمر و لا أعرف أحدا و لا أتذكر شيئا ... سأشكر على أنني على الإسلام فغيري يموتون على الكفر كل يوم... سأشكر على الحزن لأنه يرفع من تقصيري فى حق الله و قد أُرزق به درجات عند الله ... سأشكر على كل ما أدركت و ما لم أدرك ...سأشكر على أن المولى عز و جل أذن لي بالشكر و غيري يسخط و يغضب فى كل لحظة

و يُضيع نفسه....

ما الذي يحدث الآن فى هذا الحوار الذي سيسبق السجود أنت الآن تستحضر كل ما هو إيجابي فى حياتك فبدلا من أن تخرج و أنت ترتدي نظارة سوداء ترى بها الكون مظلما لقد قمت باستحضار إيجابيات تستوجب أن تنقشع بعض غيوم الحزن من على روحك و قلبك و لقد قمت أيضا بمعاكسة شحنات الأدرينالين السلبية التي كانت تخرج من مراكز الذاكرة مع أفكار الحزن لقد قمت بمعاكستها بالأدرينالين المسئول عن الدافعية و الحافز الداخلي و صدمتها بشحنة إيجابية إن لم تنعكس عليك برؤية إيجابية فى البداية فهي على الأقل ستوقف الشحنات السلبية الناتجة من أفكار الحزن و الخوف

إذن سجدة الشكر سلوك علاجي لنا جميعا لنتذكر أن نبدأ اليوم بالبشر و التفاؤل

أو على الأقل من غير حزن و نكد

فإذا استعصت عليك نفسك و زادت عليك شحنات السخط و الغضب عالجها بالحمد على كل حال و اسجد شكرا لتُسكتها و تعلمها أن تخرس تأدبا بين يدي الله

الآن الجزء الثاني من البرنامج جاءت نهاية اليوم لا تنام على حزن لا بد أن تنام على استبشار و رضا لتعالج نفسك و ميلها للحزن و الخوف ستقوم بسجدة شكر أخرى قبل النوم ... حتى لو كنت منهكا و محبطا و لا تعرف كيف تصحح قلبك و تستشعر النعم اسجد شكرا لله على كل حال ما علمت من نعم و ما لم تعلم ...ثم حاول أن تجتمع و أهلك و تقوموا بعمل أجندة للنعم تذكروا فيها نعم الله عليكم التي أكرمكم بها و ربما غيركم محروم منها و كل أحوال الله خير...

رغما عن أنفك مهما كنت حزين الحركة البدنية التي فى السجود و التذكرة الفكرية التي تكون قبل السجود ستجعلك مرة أخرى متحكم إلى حد كبير فى حجم الشحنات السلبية التي تخرج من الذاكرة و تجعلك تحصل على نوم هادى بغير أحزان

و ستُعلم أولادك و أهلك الايجابية فإذا ما لعبت عليك نفسك و حزنتك أعانوك بالتفكير الايجابي و القدرة على تذكر النعمة و تكون ربيت أولادا أقوياء بالله يرون الجانب المضيء دوما من الأحداث و نصف الكوب الممتلئ و يستشعرون خير و رحمة مولاهم دوما

بعد سجدة الشكر نستطيع عمل تمرين التنفس و هو كما شرحناه من قبل عبارة عن شهيق و زفير هادى و عميق أربع مرات تتبعها قراءة هادئة للفاتحة أو دعاء ثم أربع مرات تنفس أخرى ثم الفاتحة أو دعاء و هكذا حتى تشعر بالهدوء الكيميائي الذي يحدث مع دخول الأكسجين للمخ بشكل جيد و تحويل درجة الانتباه من الفص الشمال إلى الفص اليمين المسئول عن الاسترخاء و السكينة و السلام الداخلي

هذا أثر سجدة الشكر عليك و على أهلك كبرنامج علاجي يومي معرفي و سلوكي مستنبط من الهدى الكريم لرسول الله صلى الله عليه و سلم

ماذا عن أثر سجدة الشكر على الصحة النفسية للأفراد و المجتمع المسلم من حيث السلام الداخلي و التناغم و المودة و الرحمة

لما كان بإمكانك فى حال استشعار النعمة أو استشعارك أن الله دفع عنك أذى أو عند استشعارك حدوث نصر لأخ مؤمن أو صلاح فى حال مسلم أو مسلمة أو صلاح فى حال أمة الإسلام أو دخول أحد فى ديننا الحنيف أن تسجد شكرا لله بغير وضوء و فى أي مكان تستطيع فيه أن تخلو بربك ثواني و تعلن شكرك لنعمه التي لا تُعد و لا تحصى تحدثنا عن أثر هذا عليك كفرد و كيف يمكن تحويله لبرنامج علاجي لمعالجة الحزن و الخوف الآن تعالى نراه كبرنامج علاجي للمجتمع و ما يعتريه من غربة

و وحشة

تصور أن أخا لك كنت تراه على خير و لكنه كان غير منتظما على الصلاة و فجأة رأيته بجوارك فى المسجد أو حتى يسألك أن تُصلى به جماعة فى العمل فرآك و قد سجدت شكرا لله أن أكرمك به أخا و رفقة فى الجنة إن شاء الله إن سجدتك هذه أمام من استشعرت نعمة الرب عليه و فرحت له هي رسالة حب تُدعم هذا الأخ و تثبته على الدين فالوحشة و الغربة فى هذا الزمان شديدة

تصوري أختاه أن لك أخت تحسبيها على خُلق كريم و أذن الله لها بالحجاب فرأتك تسجدين شكرا لله على أن أكرمها بالحجاب و أكرم الإسلام بسترها و بصونها

و لعفافها و لعفة شباب المسلمين هذه السجدة الجميلة سلوك عملي لشكر الله على أن أكرمك بها أخت صالحة فى الله و أكرمها بزيادة دينها و تحملها مسئولية الإسلام تثبتها و تُدعمها و تشعرها أنها ليست وحدها على الطريق الذي يبدو صعبا للكثير فى البدايات

ناهيك عن أن رسائل الود و الرحمة هي أكثر ما يحتاجه الناس هذه الأيام فى زمان كثرت فيه الغربة و الوحشة و الآلام و الأحزان

فتذكر أن تسجد لله شكرا كلما استطعت و أن تُكثر من الحمد على ما أدركت و ما لم تدرك من النعم و حتى على ما يبدو لك ليس مستحبا لك أو ظاهره شر... قل الحمد لله على كل حال أنا متأكد يا رب أن كل ما تقضى به لي خير حتى و لو أكن أفهم أو أتحمل هذا القضاء لجهلي و قلة علمي فسامحني و ثبتني و تقبل شكري على كل حال هو منك يا ارحم الراحمين فأنت أعلم بخيري منى و أنت أرحم بى من نفسي فلك الحمد حتى ترضى و لك الحمد إذا رضيت و لك الحمد بعد الرضا و لك الحمد على كل حال يا أرحم الراحمين

بارك الله لك فى عمرك و جعلك الله دوما عبدا شاكرا ايجابيا فعالا فى بناء أمة الإسلام و إعمار الأرض و كسب رضا الله عز و جل

سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
د. سمية محمود \أستاذ مساعد الطب النفسي \كلية الطب جامعة المنوفية

موضوع: رد: سجدة الشكر الأحد أبريل 10, 2011 11:17 pm

[URL=http://up.arab-x.com/][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/url

» سجدة الشكر
» سجود الشكر وسجود التلاوة